باب ما جاء فى الدخول فى الوصايا

باب ما جاء فى الدخول فى الوصايا

حدثنا الحسن بن على حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا سعيد بن أبى أيوب عن عبيد الله بن أبى جعفر عن سالم بن أبى سالم الجيشانى عن أبيه عن أبى ذر قال قال لى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « يا أبا ذر إنى أراك ضعيفا وإنى أحب لك ما أحب لنفسى فلا تأمرن على اثنين ولا تولين مال يتيم ». قال أبو داود تفرد به أهل مصر.

كان النبي صلى الله عليه وسلم خير ناصح وأفضل معلم لأمته؛ فكان يرشد أصحابه رضي الله عنهم إلى ما فيه صلاحهم، وما يناسب حال كل واحد منهم، وينهاهم عما لا يطيقونه من الأعمال
وفي هذا الحديث يخبر الصحابي أبو ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا أبا ذر، إني أراك»، أي: أظنك أو أعرفك «ضعيفا» عن القيام بوظائف الولايات، فتعجز عن تنفيذ أمورها ورعاية حقوقها، «وإني أحب لك ما أحب لنفسي»، أي: أرضى لك ما أرضاه لنفسي؛ فلو كنت ضعيفا مثلك لما تحملت هذا الحمل، ولكن الله قواني فحملني، ولولا أنه حملني لما حملت؛ وكان رضي الله عنه قد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله من عماله وأمرائه الذين يوليهم على البلاد وجمع الزكاة وغيرها من المناصب، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تأمرن»، أي: لا تصيرن أميرا «على اثنين» فضلا عن أكثر منهما؛ فإن العدل والتسوية أمر صعب بينهما؛ وقد بين له السبب في رواية أخرى في صحيح مسلم، فقال: «وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها»، فالخزي والندامة يكونان في حق من لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها؛ فيخزيه الله تعالى يوم القيامة ويفضحه، ويندم على ما فرط، وأما من كان أهلا للولاية وعدل فيها، فله فضل عظيم
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ولا تولين مال يتيم»، واليتيم: هو من مات أبوه ولم يبلغ سن التكليف، أي: لا تقبلن ولاية مال يتيم؛ لأن خطره عظيم، ووباله جسيم؛ لأن المتولي مال اليتيم مطالب بالمحافظة عليه، وتنميته وتثميره في الوجوه المأمونة التي يغلب على الظن -بحسب العادة- أن لا خسارة فيها
وفي الحديث: النهي عن تولي الإمارة لمن يعجز عن القيام بحقوقها وتنفيذ أمورها
وفيه: النهي عن تولي مال اليتيم لمن يعجز عن إصلاحه