‌‌باب ما جاء في إذا زلزلت1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في إذا زلزلت1

حدثنا محمد بن موسى الحرشي البصري قال: حدثنا الحسن بن سلم بن صالح العجلي قال: حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن، ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن، ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن»: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث هذا الشيخ الحسن بن سلم» وفي الباب عن ابن عباس
‌‌

للقُرآنِ كُلِّه فَضائِلُ كثيرةٌ؛ مَن قَرَأَه زادَ أجْرُه، ومَن تدبَّره زادَتْ حِكمَتُه وعِلمُه، ومَن حَفِظَه وعَمِلَ به فذاك هو الرابِحُ، وفيهِ طُمَأنينَةُ النَّفسِ، وعِظَمُ الأَجْرِ، ولبَعضِ سُوَرِ القُرآنِ فَضائِلُ خاصَّةٍ، كما يُبيِّنُ هذا الحَديثُ، حيثُ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، أي: قِراءَةُ سورةِ الإخلاصِ، "تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ" أي: تُماثِلُ في أجرِ تِلاوتِها كمَن قَرَأَ ثُلُثَ القُرآنِ؛ قيل: لأنَّها تَشتمِلُ على التَّوحيدِ، والقُرآنُ يَشتمِلُ على التَّوحيدِ، والأحكامِ الشَّرعيةِ، والأخلاقِ، والتَّوحيدُ الثُّلُثُ، وَيُستَأنَسُ لذلك بما جاء في رِوايةٍ لِمُسلِمٍ: "إنَّ اللهَ جَزَّأَ القرآنَ ثلاثةَ أجزاءٍ، فَجَعَلَ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) جُزءًا من أجزاءِ القُرآنِ"؛ وذلك لأنَّها اشتَمَلَتْ على اسمَينِ من أسماءِ اللهِ تَعالى، مُتضَمِّنينِ كُلَّ أوصافِ الكمالِ، ولم يُوجَدَا في غيرِها من سُوَرِ القُرآنِ، وهما: الأَحَدُ، والصَّمَدُ؛ فإنَّهما يدُلَّانِ على ذَاتِ اللهِ الموصوفةِ بجميعِ أوصافِ الكمالِ، وبيانُ ذلك: أنَّ الأَحَدَ يُشعِرُ بِوُجودِه الخاصِّ، الَّذي لا يُشارِكُهُ فيه أحَدٌ غيرُهُ، والصَّمَدَ يُشعِرُ بجميعِ أوصافِ الكمالِ؛ لأنَّهُ الَّذي بَلَغَ سُؤدُدُه إلى مُنتهَى الرِّفعةِ والكمالِ، والَّذي يَحتَاجُ إليه جميعُ الخَلائقِ، وهو لا يَحتَاجُ إلى أحَدٍ سُبحانَه، "و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] تَعدِلُ رُبُعَ القُرآنِ"، أي: تُماثِلُ في أجرِ تِلاوتِها، قيل: لأنَّ في السورةِ البَراءَةَ من الشِّركِ، وأهْلِه، وهي لذلك تُماثِلُ الرُّبُعَ.
وفي الحديثِ: بيانُ فضلِ سورةِ الإخلاصِ.
وفيه: سِعَةُ عظيمِ فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه، بأنْ جَعَلَ قِراءةَ سورةٍ قصيرةٍ تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ وأخرى تَعدِلُ رُبُعَه.
وفيه: الحثُّ على انتِهازِ الحَسَناتِ والاستِزادةِ منها .