‌‌باب ما جاء في إمام الرعية

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في إمام الرعية

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني علي بن الحكم قال: حدثني أبو الحسن، قال: قال عمرو بن مرة لمعاوية: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة، والخلة، والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته، وحاجته، ومسكنته»، فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس وفي الباب عن ابن عمر: حديث عمرو بن مرة حديث غريب، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه وعمرو بن مرة الجهني يكنى أبا مريم
‌‌

كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَتَناصحونَ فيما بَيْنَهم، وكانوا حَريصِينَ على الخيرِ لبَعْضِهِم البَعضِ.
وفي هذا الحَديثِ يُقدِّمُ أبو مَريمَ الأَزْدِيُّ لمُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ نصيحةً حينَما دَخَل عليه، فقال له: "ما أَنْعَمَنا بِكَ أبا فُلانٍ، وهي كلمةٌ تَقولُها العربُ" لِمَنْ يُعْتَدُّ بزيارَتِه ويُفْرَحُ بلِقائِه، "فقلتُ: حديثًا سَمِعتُه أُخْبِرُك بِه؛ سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: مَنْ ولَّاه اللهُ عزَّ وجلَّ شيئًا مِن أَمْرِ المسلمينَ" وشؤونِهِمْ، "فاحْتَجَب"، أي: فامْتَنَع، عَنِ الخروجِ إليهِم، ولم يَكُنْ على اتِّصالٍ بهِم ولَمْ يَقْضِ "خَلَّتَهم"، يعني: حاجاتِهِم، ولم يَسُدَّ فَقْرَهم؛ فمَنْ عامَل النَّاسَ هذه المعاملةَ فسوف يَكونُ جزاؤُه مِنْ جِنْسِ عَمَلِه، وهو أنْ يَحْتَجِبَ اللهُ عنه، فيَبْعُدَ عنه ويَمنَعَه حاجتَه وخَلَّتَه وفَقْرَه، فلا يُجيبُ دَعوتَه.
فعِنْدما سَمِعَ معاويةُ رَضِيَ اللهُ عنه ما قالَه جَعَلَهُ على حَوائجِ النَّاسِ لقَضائِها وإيصالِها إليهِم؛ لأنَّهُ ناصِحٌ أمينٌ، ويَعْلَمُ واجباتِ الإمامِ والأميرِ، وسيَسْعى في حَلِّ حوائجِ النَّاسِ، وهذا مِنْ مُسارَعةِ مُعاويةَ رَضِيَ اللهُ عنه وتَنفيذِه للنَّصيحةِ.