‌‌باب ما جاء في الإيمان بالقدر خيره وشره1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في الإيمان بالقدر خيره وشره1

حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى البصري قال: حدثنا عبد الله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه»: وفي الباب عن عبادة، وجابر، وعبد الله بن عمرو وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن ميمون، وعبد الله بن ميمون منكر الحديث
‌‌_________‌‌_________

يُخبِرُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ أنَّه: "لا يؤمِنُ عبدٌ"، أي: لا يَكونُ مؤمِنًا أصلًا؛ فهو نفيٌ لأصلِ الإيمانِ لا لِكَمالِه، ولا يُعَدُّ ما عِندَه مِن تصديقِ القلبِ وإيمانِه، "حتَّى يُؤمِنَ"، أي: يَكونَ مؤمِنًا، "بأربَعٍ"، أي: بأربَعةِ أشياءَ، وهي: "يَشهَدُ"، أي: يَعْلَمُ ويَعتَقِدُ بقَلبِه ويُظهِرُ بلِسانِه "أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ"، أي: إنَّه لا مَعبودَ بحَقٍّ إلَّا اللهُ سبحانَه، "و" يَعْلَمَ ويَعتَقِدَ أنِّي "محمَّدٌ رسولُ اللهِ" وخاتَمُ رسُلِ اللهِ، "بعَثَني بالحقِّ"، أي: يؤمنُ بالتَّوحيدِ والرِّسالةِ، "ويؤمِنُ" أيضًا "بالموتِ"، وأنَّه حقٌّ، وأنَّ الدُّنيا تَفْنى فلا يَبْقى منها شيءٌ؛ فهي دارُ فَناءٍ فلا تَبْقَى، وأنَّ الموتَ يَكونُ بأمرِ اللهِ تعالى وقدَرِه وأجَلِه، "وبالبَعثِ"، أي: بوُقوعِ البعثِ والإحياءِ، "بعدَ الموت"، وأنَّ اللهَ تعالى يَبعَثُ مَن في القبورِ ويُخرِجُهم مِنها للحشرِ والحسابِ، "ويؤمِنُ" أيضًا، "بالقدَرِ"، وهو ما قدَّره اللهُ تعالى على عِبادِه مِن خَيرٍ أو شرٍّ؛ فمَن لم يُؤمِنْ بواحدٍ مِن هذه الأربعةِ لم يَكُنْ مُؤمِنًا.
والإيمانُ باللهِ سُبحانه وتَعالى وبمُلائكتِه وبكُتبِه وبرُسلِه وباليومِ الآخِرِ وبالقدَرِ خيرِه وشرِّه، هي أركانُ الإيمانِ؛ فلا يكونُ العبدُ مؤمِنًا حتَّى يؤمِنَ بهذه الأركانِ السِّتَّةِ، وذِكْرُ هذه الأربعةِ هنا لا يَنفي أهمِّيَّةَ الإيمانِ بالملائكةِ والكتُبِ المنزَّلةِ على الرُّسلِ؛ لأنَّ مَن آمَن باللهِ وبرَسولِه محمَّدٍ آمَن بكلِّ ما أخبَر به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وبكلِّ ما جاء في كِتابِ اللهِ، فاستكمَل كلَّ أركانِ الإيمانِ.
وفي الحديثِ: أنَّ الإيمانَ باللهِ تعالى وبرَسولِه والإيمانَ بقدَرِ اللهِ تعالى خَيرِه وشرِّه، رُكنٌ لا يَصِحُّ الإيمانُ إلَّا به، وكذلك الإيمانُ بالموتِ وبالبَعثِ والنُّشورِ بعدَه.