باب ما جاء في التقصير، وكم يقيم حتى يقصر؟
بطاقات دعوية
عن أَنسٍ قالَ: خرجنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من المدينةِ إلى مكةَ، فكانَ يصَلي ركعتَينِ ركعتَين؛ حتى رجَعنا إلى المدينةِ. قلتُ: أَقَمتُم بمكةَ شيئاً؟ قالَ: أقَمنا بها عَشْراً [نقصُرُ الصلاةَ].
شرَعَ اللهُ عزَّ وجلَّ رُخْصةَ قَصْرِ الصَّلاةِ الرُّباعيَّةِ في السَّفَرِ تَخْفيفًا على عِبادِه، وقد قصَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ في السَّفَرِ، وقصَرَ أصحابُه رَضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكِي الصَّحابيُّ الجليلُ أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم خرَجوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُسافرينَ مِن المدينةِ إلى مكَّةَ، وذلك في حَجَّةِ الوداعِ، كما بيَّنَته رِوايةُ مُسلِمٍ، فظلَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصلِّي الظُّهرَ والعصْرَ والعِشاءَ قَصْرًا رَكعتَينِ حتَّى رجَعَ إلى المدينةِ مرَّةً أُخرَى، وقد ظلُّوا ماكثينَ في مكَّةَ عشَرةَ أيَّامٍ، ولم يَترُكِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَصْرَ الصَّلاةِ مدَّةَ إقامتِه بمكَّةَ، فظلَّ آخِذًا برُخصةِ اللهِ سُبحانه وتعالَى الَّتي رخَّص له طُولَ سَفرِه.
وفي الصَّحَيحينِ مِن حَديثِ العَلاءِ بنِ الحَضرميِّ، أنَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى أنْ يُقيمَ المُهاجِرُ بمكَّةَ بعْدَ قَضاءِ نُسكِه فوقَ ثَلاثٍ، والجمْعُ بيْنَه وبيْنَ هذا الحديثِ الذي فيه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مكَّةَ عشَرةَ أيَّامٍ يَقصُرُ: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُقِمْ بمكَّةَ أربعًا في مَكانٍ واحدٍ؛ فإنَّه لَمَّا قدِمَ مَكَّةَ في الرابعِ مِن ذي الحجَّةِ أقامَ بها غيرَ يوميِ الدخولِ والخروجِ إلى مِنًى، ثم باتَ بمِنًى، ثم سارَ إلى عَرفاتٍ، ورجَعَ فباتَ بمزدلفةَ، ثم سارَ إلى مِنًى، فقضَى نُسكَه، ثم إلى مكَّةَ، فطافَ، ثم رجَعَ إلى مِنًى، فأقامَ بها ثلاثًا يَقصُرُ، ثم نفَرَ منها بعدَ الزوال في ثالثِ أيَّامِ التشريقِ.