باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر 2
سنن ابن ماجه
حدثنا علي بن محمد، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون
عن خزيمة بن ثابت، قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمسافر ثلاثا، ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا (2).
يسَّر الشَّرعُ على النَّاسِ في أمرِ العباداتِ بما يُسهِّلُ عليهِم أداءَها، وخاصَّةً في وقتِ الحرَجِ، ومِن ذلك المسحُ على الخُفَّينِ عندَ الوُضوءِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ خُزيمةُ بنُ ثابتٍ رَضِي اللهُ عَنه: "جعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للمُسافِرِ ثلاثًا"، وفي روايةٍ: "أنَّه سُئل عن المسحِ على الخُفَّينِ؟ فقال: للمُسافِرِ ثلاثةً"، أي: شُرِع للمُسافِرِ أن يَمسَحَ على خُفَّيه لمدَّةِ ثلاثةِ أيَّامٍ ولَياليهِنَّ دونَ أن يَنزِعَها لكلِّ وُضوءٍ، قال خُزيمةُ رَضِي اللهُ عَنه: "ولو مَضى السَّائِلُ على مَسألتِه لجَعَلها خَمسًا"، أي: لو طلَب السَّائلُ الزِّيادةَ والتَّرخُّصَ في الأيَّامِ بأكثَرَ مِن ذلك واستمَرَّ على الطَّلبِ لجعَلَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خمسًا، أي: زاد في مُدَّةِ مَسْحِ المسافِرِ، وهذا مَبنِيٌّ على أنَّ الحرَجَ مَدفوعٌ، فلو ذكَر السَّائلُ أنَّ فيه حرَجًا على النَّاسِ لَدفَع عنهم ذلك بالازدِيادِ في المدَّةِ، وذكَر خَمسًا؛ لأنَّه أوَّلُ وِترٍ بعدَ الثَّلاثِ، فالظَّاهرُ أنَّه يَزيدُ إليه بعدَ الثَّلاثِ، وما ذكَره خُزيمةُ رَضِي اللهُ عَنه هو لبيانِ عَظيمِ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في التَّيسيرِ ورَفعِ الحرَجِ عن أمَّتِه، وبيانٌ لتَرفُّقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بأصحابِه وأنَّها كانت مِن عادتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِثلَ الَّذي وقَع مِن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنهما في تنَفُّلِه بالصِّيامِ وخَتمِه للقُرآنِ. وهذا الحديثُ لم يأتِ فيه بيانُ مُدَّةِ المسحِ للمُقيمِ، وقد جاءُ في أحاديثَ أُخَر أنَّ المقيمَ له أنْ يمسحَ على خُفَّيهِ لمدَّةِ يومٍ وليلةٍ فقط .