باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرة
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن سليمان الناجي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، قال: جاء رجل وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أيكم يتجر على هذا؟»، فقام رجل فصلى معه، وفي الباب عن أبي أمامة، وأبي موسى، والحكم بن عمير، «وحديث أبي سعيد حديث حسن» وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيرهم من التابعين، قالوا: لا بأس أن يصلي القوم جماعة في مسجد قد صلى فيه جماعة، وبه يقول أحمد، وإسحاق " وقال آخرون من أهل العلم: يصلون فرادى، وبه يقول سفيان، وابن المبارك، ومالك، والشافعي، يختارون الصلاة فرادى "
في هذا الحديثِ يَحكي أبو سعيدٍ الخدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّه "جاء رجلٌ"، أي: إلى مسجدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "وقد صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: انتهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن صلاةِ الجماعةِ، وفي روايةٍ: أنَّها كانت صلاةَ الظُّهرِ، فلمَّا انتَهى الرَّجلُ إلى المسجدِ ولم يَلحَقْ بالجماعةِ، قام يُصلِّي وحْدَه منفردًا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه: "أيُّكم يتَّجِرُ على هذا؟"، أي: يتصدَّقُ عليه فيُصلِّي معه فتكونُ جماعةً، فيتفضَّلُ عليه ويُحسِنُ له، وفي روايةٍ: "ألَا رجُلٌ يتصدَّقُ على هذا"، "فقام رجلٌ فصلَّى معه"، أي: ليُثيبَه أجرَ صلاةِ الجماعةِ، فيكونُ كمَنْ أعطاه صدقةً، ويكونُ لِمَن صلَّى معه أجرُ مَن أعطى الصَّدقةَ، وفي روايةٍ: أنَّ الَّذي قام وصلَّى معه هو أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِيَ اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: بيانُ فَضيلةِ صَلاةِ الجماعةِ، وحثُّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عليها.