باب ما جاء في الخلع1
سنن الترمذى
حدثنا محمود بن غيلان قال: أخبرنا الفضل بن موسى، عن سفيان قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن، وهو مولى آل طلحة، عن سليمان بن يسار، عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء، أنها اختلعت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم «فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أمرت أن تعتد بحيضة» وفي الباب عن ابن عباس.: «حديث الربيع الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة»
بيَّنَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنا أحكامَ الزَّواجِ والطَّلاقِ والخُلعِ، وكلَّ ما يتعلَّقُ بذلك؛ حِفاظًا على الأُسرةِ المُسلِمةِ، وصونًا للأعراضِ والأنسابِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ الرُّبَيِّعُ بنتُ مُعوِّذٍ الأنصاريَّةُ رضِيَ اللهُ عنها: "اختلَعْتُ مِن زَوجي"، والخُلْعُ: هو فِداءٌ ماليٌّ مِن المرأةِ للزَّوجِ، تملِكُ بمُوجَبِه أمْرَها، ولا تلجَأُ إليه المرأةُ إلَّا إذا تَضرَّرتْ من زَوجِها ولم تَقدِرْ على الطَّلاقِ منه، أو خافتْ ألَّا تقومَ بحُقوقِه الشَّرعيَّةِ، وهو مَذكورٌ في قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229]، قالت: "ثمَّ جئْتُ عُثمانَ"، ابنَ عفَّانٍ رضِيَ اللهُ عنه، "فسأَلْتُ: ماذا عليَّ من العِدَّةِ؟"، أي: ما مُدَّةُ عِدَّتي بعدَ الخُلْعِ؟ فقال عُثمانُ رضِيَ اللهُ عنه: "لا عِدَّةَ عليكِ، إلَّا أنْ يكونَ حديثَ عهْدٍ بكِ"، أي: إلَّا أنْ يكونَ قد جامَعَكِ وعاشَرَكِ قريبًا، "فتَمكُثينَ عنده حتَّى تَحيضينَ حَيضةً"، أي: تَنتظِرَ في بيتِ زَوجِها حتَّى تحيضَ مرَّةً واحدةً، وبذلك تَستبرِئُ فرْجَها وبطْنَها من الحمْلِ.
قالت الرُّبَيِّعُ: "وإنَّما تبِعَ في ذلك قَضاءَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في مريمَ المَغاليَّةِ"؛ نِسبةً إلى بني مَغالي قَبيلةٍ من الأنصارِ، "وكانت تحتَ ثابتِ بنِ قيسٍ، فاختلَعَتْ منه، وقد أمَرَها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ تعتَدَّ بحَيضةٍ"، كما رواه التِّرمذيُّ؛ فدل هذا الحديثُ على أنَّ عِدَّةَ المُختلِعَةِ حَيضةٌ واحدةٌ، وعُدَّ الخُلْعُ فسخًا وفِراقًا، وليس طلاقًا.
وفي الحديثِ: بيانُ مَشروعيَّةِ الخُلْعِ إذا وُجِدَ ضَررٌ على الزَّوجةِ لا تسطيعُ معه أنْ تُقيمَ حُدودَ اللهِ مع زَوجِها.