باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عمرو بن أبي سلمة، عن زهير، عن هشام بن عروة، عن أبيه
عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس يوم الجمعة، فرأى عليهم ثياب النمار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم إن وجد سعة، أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته" (2).
يومُ الجُمعةِ يومٌ عظيمٌ، وهو خيرُ أيَّامِ الأسبوعِ، وفيه يجتمِعُ المُسلِمونَ للصَّلاةِ، وقد حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على التَّطهُّرِ والتَّطيُّبِ وتَحسينِ المَظْهرِ في هذا اليومِ، وخاصَّةً عند صلاةِ الجُمُعةِ.
وفي هذا الحديثِ تخبِرُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خطَبَ النَّاسَ يومَ الجُمُعةِ"، أي: في يومٍ مِن أيَّامِ الجُمَعِ في المدينةِ النَّبويَّةِ، "فرأى عليهم ثِيابَ النِّمارِ" وهي ثيابٌ مُخطَّطةٌ مِن مآزِرِ الأعرابِ، كأنَّها أُخِذَت مِن لونِ النَّمِرِ؛ لِمَا فيها مِن السَّوادِ والبياضِ. وقيل: هي بُردةٌ مِن الصُّوفِ تلبَسُها الأعرابُ، وكان فيها قِصَرٌ، وإذا عَرِقَ فيها لابِسُها فاحت منها روائحُ العرَقِ النَّفَّاذةُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما على أحدِكم إنْ وجَدَ سَعَةً"، أي: غِنًى أو فائضًا مِن المالِ، "أنْ يتَّخِذَ ثَوبينِ لجُمعتِه"، أي: يشترِيَ إزارًا ورداءً؛ ليُصلِّيَ فيهما صلاةَ الجُمُعةِ، "سِوى ثَوْبَيْ مِهْنَتِه"، أي: غيرَ ثيابِ خِدمتِه وعملِه الَّذي يعمَلُ فيه؛ وذلك لِيكونَ أنظَفَ وأكثَرَ جَمالًا في صلاةِ الجُمعةِ، والمعنى: أنَّه لا حرَجَ في اتِّخاذِ ثَوبينِ مَخصوصينِ لصَلاةِ الجُمعةِ غيرَ ثوبِ العمَلِ لمَن وجَدَ المالَ الكافِيَ لذلك، أمَّا إذا لم يجِدْ مالًا فإنَّه لا يتكلَّفُ؛ فإنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُتكلِّفينَ. وقد ورَدَ في أحاديثَ أخرى كثيرةٍ حَثُّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للمُسلمينَ على الاغتسالِ والتَّطَيُّبِ ولُبْسِ أحسَنِ الثِّيابِ لصلاةِ الجُمُعةِ، والتَّبكيرِ إليها، وعدَمِ التَّفريقِ بين الصُّفوفِ، كما عِندَ البُخاريِّ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "مَن اغتَسَل يومَ الجُمُعةِ، وتَطهَّر بما استَطاعَ من طُهرٍ، ثم ادَّهنَ أو مَسَّ مِن طِيبٍ، ثم راحَ فلم يُفرِّقْ بينَ اثنينِ، فصلَّى ما كُتِبَ له، ثم إذا خرَج الإمامُ أَنصَتَ، غُفِرَ له ما بَينَه وبينَ الجُمُعةِ الأخرى".
وفي الحديثِ: الحَثُّ على الذَّهابِ إلى صلاةِ الجُمعةِ في أحسَنِ صُورةٍ.