باب ما جاء في الصلاة خلف الصف وحده1
سنن الترمذى
حدثنا هناد قال: حدثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن هلال بن يساف، قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقة، فقام بي على شيخ يقال له: وابصة بن معبد، من بني أسد، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ «أن رجلا صلى خلف الصف وحده - والشيخ يسمع فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة». وفي الباب عن علي بن شيبان، وابن عباس، حديث وابصة حديث حسن. وقد كره قوم من أهل العلم أن يصلي الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: يعيد إذا صلى خلف الصف وحده، وبه يقول أحمد، وإسحاق ، وقد قال قوم من أهل العلم: يجزئه إذا صلى خلف الصف وحده، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي. وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى حديث وابصة بن معبد أيضا، قالوا: من صلى خلف الصف وحده يعيد منهم: حماد بن أبي سليمان، وابن أبي ليلى، ووكيع. وروى حديث حصين، عن هلال بن يساف غير واحد، مثل رواية أبي الأحوص، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة، وفي حديث حصين ما يدل على أن هلالا قد أدرك وابصة، فاختلف أهل الحديث في هذا، فقال بعضهم: حديث عمرو بن مرة، عن هلال بن يساف، عن عمرو بن راشد، عن وابصة بن معبد أصح. وقال بعضهم: حديث حصين، عن هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة بن معبد أصح. وهذا عندي أصح من حديث عمرو بن مرة، لأنه قد روي من غير حديث هلال بن يساف، عن زياد بن أبي الجعد، عن وابصة بن معبد
كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعلِّمُ أصحابَهُ شَرائعَ الدِّينِ ويُراجِعُهم فيما يُخْطِئونَ فيه، ومِنْ ذلك ما جاءَ في هذا الحديث، مِن أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد "رأى رَجُلًا يُصلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَه"، أي: كان يُصلِّي مع الجماعةِ، ولكِنَّه كان واقفًا وحْدَه دونَ الْتِزامِ إتْمامِ الصُّفوفِ، فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يُعيدَ صَلاتَه تِلك الَّتي صلَّاها مع الجَماعةِ مُنْفرِدًا، وهذا في حقِّ الرِّجالِ فقط؛ فإنَّ للمرأةِ أنْ تُصلِّي وحْدَها خَلْفَ صَفِّ الرِّجالِ.
قيل: وهذا الأمرُ مَحمولٌ على وقوفِ الرَّجُلِ خلفَ الصفِّ مع وجودِ مكانٍ ومُتَّسعٍ في الصفِّ، وأمَّا إذا لم يَجِد مكانًا في الصفوفِ ووقَفَ وحْدَه؛ فهذا لا بأسَ به لأنَّ هذا هو المستطاعُ، ولا يُكلِّفُ اللهُ نفْسًا إلَّا وُسعَها .