‌‌باب ما جاء في المختلعات1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في المختلعات1

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا مزاحم بن ذواد بن علبة، عن أبيه، عن ليث، عن أبي الخطاب، عن أبي زرعة، عن أبي إدريس، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المختلعات هن المنافقات»: «هذا حديث غريب من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي» وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أيما امرأة اختلعت من زوجها من غير بأس لم ترح رائحة الجنة»
‌‌

أقام الإسلامُ نِظامَ الأُسرةِ على المودَّةِ والرَّحمةِ والوفاقِ بيْن الزَّوجينِ، وبيَّنَ لكلِّ طرفٍ حُقوقَه ووَجباتِه، كما حدَّدَ طُرقًا شرعيَّةً لإنهاءِ العَلاقةِ الزَّوجيَّةِ بالمعروفِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وإنَّ المُختلِعاتِ"، أي: اللَّواتي يَلتمِسْنَ الخُلْعَ ويَطلُبْنَ الطَّلاقَ مِن أزواجِهنَّ مِن غيرِ سَببٍ مُوجِبٍ لذلك، "والمُنتزِعاتِ" المُرادُ: اللَّاتي يَنتزِعْنَ أنفُسَهنَّ مِن أزواجِهنَّ، ويَنشُزْنَ عليهم بعدَمِ الطَّاعةِ، "هنَّ المُنافِقاتُ" وجعَلَهنَّ مُنافِقاتٍ؛ تَغليظًا وتَشديدًا؛ لأنَّهنَّ يُظهِرْنَ بذلك كراهةَ الزَّوجِ، وفي الباطنِ أنَّهنَّ يُرِدْنَ سِواهُ يَتزوَّجْنَ به بعدَ الخُلْعِ، والمُرادُ الزَّجرُ والتَّهويلُ، "وما مِن امرأةٍ تسأَلُ زوجَها الطَّلاقَ مِن غيرِ بأسٍ"، أي: مِن غيرِ شِدَّةٍ تُلْجِئُها إلى سُؤالِ المُفارَقةِ، "فتَجِدُ رِيحَ الجنَّةِ- أو قال: رائحةَ الجنَّةِ-"، أي: لمْ تَشُمَّها، وذلك على طَريقةِ الوَعيدِ والمُبالَغةِ في التَّهديدِ، أو أنَّ وقوعَ ذلكَ مُتعلِّقٌ بوقتٍ دونَ وقتٍ، أي: لا تجدُ رائحةَ الجَنَّةِ أوَّلَ ما يجدُها المحسنونَ يومَ القِيامةِ، أو لا تَجدُه أصلًا؛ لأنَّها بطَلبِها الخُلعَ دون سَببٍ تكون قد تعدَّتْ حدودَ اللهِ الذي قال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229]، ولأنه إضرارٌ بها وبزَوجهِا، وإزالةٌ لمصالحِ النِّكاحِ من غيرِ حاجة، وقد عَدَّ كَثيرٌ مِنَ العُلماءِ الوقوعَ في ذلك كَبيرةً من كبائرِ الذُّنوبِ .