باب ما جاء في المسح بغير توقيت
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا حيوة بن شريح، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحكم بن عبد الله البلوي، عن علي بن رباح اللخمي
عن عقبة بن عامر الجهني، أنه قدم على عمر بن الخطاب من مصر فقال: منذ كم لم تنزع خفيك؟ قال: من الجمعة إلى الجمعة، قال: أصبت السنة (1).
يسَّر الشَّرعُ على النَّاسِ في أمْرِ العباداتِ بما يُسهِّلُ عليهم أداءَها، وخاصَّةً في وقتِ الحرَجِ، ومِن ذلك المسْحُ على الخُفَّينِ في الوُضوءِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عُقبةُ بنُ عامرٍ الجُهنيُّ رَضِي اللهُ عَنه "أنَّه قَدِم على عُمرَ بنِ الخطَّابِ مِن مِصرَ"، وفي روايةٍ: "أنَّ أبا عُبيدةَ بنَ الجرَّاحِ، بعَث عُقبةَ بنَ عامِرٍ الجُهنيَّ إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ، بفَتْحِ دِمَشقَ"؛ فقال له عُمرُ: "منذُ كم لم تَنزِعْ خُفَّيك؟" أي: ما عدَدُ الأيَّامِ الَّتي مسَحْتَ فيها على خُفَّيكَ عندَ الوُضوءِ؟ فقال عُقبةُ رَضِي اللهُ عَنه: "مِن الجمعةِ إلى الجُمعةِ"، فقال له عُمرُ رَضِي اللهُ عَنه: "أصَبْتَ السُّنَّةَ".
وقد ثبَت في صحيحِ مُسلِمٍ أنَّ أقصى مُدَّةٍ يمسحُ فيها المُسافِرِ ثَلاثةُ أيَّامٍ وليالِيهنَّ فقط؛ فعَن شُريحِ بنِ هانئٍ، قال: أتَيتُ عائشةَ أسأَلُها عن المسحِ على الخُفَّين، فقالت: علَيك بابنِ أبي طالبٍ، فسَلْه؛ فإنَّه كان يُسافِرُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فسَأَلْناه، فقال: «جعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ثلاثةَ أيَّامٍ وليالِيَهنَّ للمُسافرِ، ويومًا وليلةً للمُقيمِ».
قيل: يُحمَلُ قولُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنه: "أصَبتَ السُّنةَ"، أنْ يكونَ السُّؤالُ والجوابُ عن لُبْسِ الخُفِّ مع مُراعاةِ التَّوقيتِ، بِخَلْعِ خُفَّيه كلَّ ثلاثٍ، ثم يَتوضَّأُ ثمَّ يَلبَسُهُما، ويَحتمِلُ أنَّ السُّنَّة المقصودةَ هي أنه كانَ في حالةِ ضَرورةٍ، ولم يَتمَكَّنْ مِن خَلْعِ الخُفَّينِ حتَّى لا يَنقطعَ عَنِ الرُّفْقَةِ، أو للخوفِ. وقِيلَ: هذَا رأيٌ لعُمرَ وبعضِ الصَّحابةِ الَّذينَ لا يَرونَ تحديدَ التَّوقيتِ في المسحِ، ولكنَّ الأحاديثَ الصَّحِيحةَ وأقوالَ أكثرِ الصَّحابةِ عَلى أنَّ الْمسحَ لِلمُسافرِ ثَلاثة أيامٍ وليالِيهِنَّ.