باب ما جاء في تعجيل الزكاة2
سنن الترمذى
حدثنا القاسم بن دينار الكوفي قال: حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن الحجاج بن دينار، عن الحكم بن جحل، عن حجر العدوي، عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر: «إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام» وفي الباب عن ابن عباس.: «لا أعرف حديث تعجيل الزكاة من حديث إسرائيل، عن الحجاج بن دينار، إلا من هذا الوجه» وحديث إسماعيل بن زكريا، عن الحجاج عندي أصح من حديث إسرائيل، عن الحجاج بن دينار وقد روي هذا الحديث عن الحكم بن عتيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا «،» وقد اختلف أهل العلم في تعجيل الزكاة قبل محلها «،» فرأى طائفة من أهل العلم: أن لا يعجلها، وبه يقول سفيان الثوري قال: «أحب إلي أن لا يعجلها»، " وقال أكثر أهل العلم: إن عجلها قبل محلها أجزأت عنه، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق "
الزَّكاةُ من العِباداتِ التَّوقيفيةِ الَّتي نأخُذُها كما علَّمَها لنا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ في تَحديدِ زمانِها، وكيفيَّةِ أدائِها ومِقدارِها، وما يجوزُ فيه الزَّكاةُ وما لا يجوزُ وما يجِبُ فيه الزَّكاةُ وما لا يجِبُ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لعُمرَ: إنَّا قد أخَذْنا زَكاةَ العبَّاسِ عامَ الأوَّلِ للعامِ"، أي: إنَّ العبَّاسَ بنَ عبْدِ المُطَّلبِ كان قد أخرَجَ زكاةَ مالِه قبْلَ أنْ يأتِيَ عليها عامٌ، وهو وقْتُ استحقاقِها، وقد قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك لعُمرَ؛ لأنَّه بعَثَه ساعيًا يجمَعُ الزَّكاةَ من النَّاسِ، فأتى العبَّاسَ بنَ عبْدِ المُطَّلبِ عَمَّ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليأخُذَ منه الزَّكاةَ، فأبى العبَّاسُ أنْ يدفَعَها؛ لأنَّه قد سبَقَ أنْ دفَعَها مُقدَّمًا إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ مُسارعةً في الخيرِ، كما في روايةِ البيهقيِّ في السُّننِ الكُبرى، وفيها: أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ استلَفَها منه، وكان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَذَ هذه الزَّكاةَ لبَيتِ مالِ المُسلِمين، وصَرَفَها في حاجتِهم ومَنافعِهم.
وفي الحديثِ: جوازُ تَعجيلِ زَكاةِ المالِ، وما فِيه مِن مَصلحَةٍ شرعيَّةٍ.
وفيه: بيانُ دَفْعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ظَنَّ السُّوءِ عَنِ المؤْمِنينِ، وتَوضيحُه الأسبابَ لِلنَّاسِ دون مُحاباةٍ.