باب ما جاء في تقارب الزمان وقصر الأمل2
سنن الترمذى
حدثنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، عن حماد بن سلمة، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا ابن آدم وهذا أجله» ووضع يده عند قفاه، ثم بسطها فقال: «وثم أمله وثم أمله». هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن أبي سعيد
وضَّح النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في أحاديثَ كثيرةٍ تعلُّقَ ابنِ آدمَ بالدُّنيا، وطولَ آمالِه وأحلامِه رغمَ قِصَرِ عمرِه، وضرَب صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمثِلةً كثيرةً توضِّحُ ذلك وتبيِّنُه، ومن ذلك قولُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحديثِ: "هذا ابنُ آدَمَ، وهذا أجَلُه"، أي: يضرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مثَلًا بقِصَرِ عمرِ الإنسانِ، فيُشيرُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى مِساحةٍ في الأرضِ تبيِّنُ المسافةَ القصيرةَ بين مَولِدِ الإنسانِ ووفاتِه، "ووضَع يدَه عند قَفاه ثمَّ بسَطها"، أي: ثمَّ أشار النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى مكانٍ بعيدٍ عن موضعِ إشارتِه الأولى وأبعدَ في المسافةِ، ثمَّ قال: "وثَمَّ أمَلُه، وثَمَّ أمَلُه، وثَمَّ أمَلُه"، أي: وهناك أمَلُه في هذا المكانِ البعيدِ عن عمرِه وأجَلِه، فآمالُ الإنسانِ وأحلامُه أطولُ مِن عُمرِه، فعُمرُه يَنتهي وأجَلُه يَحضُرُ، وهو ما زال يحلُمُ ويأمُلُ أنْ يبقَى في الدُّنيا، وكرَّرها النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ثلاثَ مرَّاتٍ؛ تأكيدًا على بُعدِ المسافةِ وكِبَرِ الفرقِ بين أجَلِ الإنسانِ القصيرِ وأمَلِه الَّذي لا يَنتهي.
وفي الحديثِ: تَنبيهٌ وحَثٌّ على تَقصيرِ الأمَلِ في الدُّنيا، والعَملِ بما يتَناسَبُ مع حالِها وحقيقتِها.