باب ما جاء في كراهية طرد الناس عند رمي الجمار
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبد الله قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار على ناقة ليس ضرب، ولا طرد، ولا إليك إليك» وفي الباب عن عبد الله بن حنظلة.: «حديث قدامة بن عبد الله حديث حسن صحيح، وإنما يعرف هذا الحديث من هذا الوجه، وهو حديث أيمن بن نابل وهو ثقة عند أهل الحديث»
لقد ضرَب النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المَثَلَ الأعْلى في التَّواضُعِ وحُسْنِ الخُلُقِ والتَّعامُلِ مع النَّاسِ، وفي مَناسكِ الحجِّ حيثُ الجُموعُ والتَّزاحُمُ كان يمشي بين النَّاسِ كواحدٍ منهم، بل يرفُقُ بهم ويأمُرُ بذلك، كما يقول قُدامةُ بنُ عبدِ اللهِ العامريُّ رضِيَ اللهُ عنه في هذا الحديثِ: "رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَرْمِي جَمرةَ العَقبةِ يومَ النَّحرِ، أي: في حَجَّةِ الوَداعِ، وهي مِن أعمالِ الحجِّ وتُؤدَّى يومَ النَّحرِ، العاشرَ مِن ذي الحَجَّةِ، "على ناقةٍ له صَهباءَ" وهي الَّتي يُخالِطُ بَياضَها حُمرةٌ، وذلك بأنْ يَحمَرَّ أعلى الوبَرِ، وتَبْيضَّ أجوافُه، والصُّهبةُ كالشُّقرةِ، وقولُه: "لا ضَرْبَ"، أي: عندَ الزِّحامِ والمُدافعةِ، فلا يضرِبُ أحدٌ أمامَه، "ولا طَرْدَ"، أي: لا يُبْعِدُ أحدٌ مَن عنده، "ولا: إليكَ إليكَ"، أي: لا يُقالُ: تنَحَّ وابتعِدْ، والمُرادُ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في الحجِّ على سَجِيَّتِه المُتواضعةِ، فلا فِعْلٌ يصدُرُ للضَّربِ والطَّرْدِ، ولا قولٌ يُسْمَعُ للتَّبعيدِ والتَّنْحِيَةِ، وهذا على عَكسِ ما أحدَثَه النَّاسُ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في مِثْلِ تلك الأعمالِ مِن المُزاحمةِ والطَّردِ، ويصِلُ ببعضِهم أحيانًا إلى الضَّربِ ومنْعِ غيرِه.