‌‌باب ما جاء في كراهية عسب الفحل

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في كراهية عسب الفحل

حدثنا أحمد بن منيع، وأبو عمار قالا: حدثنا إسماعيل ابن علية، قال: أخبرنا علي بن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل» وفي الباب عن أبي هريرة، وأنس، وأبي سعيد: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وقد رخص بعضهم في قبول الكرامة على ذلك
‌‌

حثَّ الإسلامُ على اتِّخاذِ سُبُلِ الرِّزقِ الطَّيِّبةِ قَدْرَ الاستطاعةِ، والبُعدِ عن كلِّ سَبيلٍ خَبيثةٍ.
وفي هذا الحديثِ يَنْهى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن عَسْبِ الفَحْلِ، وهو الأجرُ الَّذي يُؤخَذُ على تَلْقيحِ الفَحْلِ، والفَحْلُ هو الذَّكَرُ مِن كلِّ حَيوانٍ؛ فَرَسًا كان، أو جَمَلًا، أو تَيسًا، أو غيرَ ذلك، وصُورتُه: أنْ يُعطيَ أحدٌ فَحْلَه لِغيرِه ممَّنْ يَملِكُ إِناثًا، فيُبقِيَه عندَه حتَّى يُلَقِّحَ الإناثَ مُقابلَ أجْرٍ يَأخُذُه على ذلك، أو يَأتِيَ مالِكُ الإناثِ بها إلى صاحبِ الفحْلِ ويَترُكَها عندَه، وقَدْ نَهى النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن ذلك؛ قيل: لأنَّه مَجهولٌ لا يُدرَى أيُنتفَعُ به أوْ لا، وقد لا يُنزِلُ، فلا يُستفادُ منه، وقد تُلقَّحُ الأنثى وقدْ لا تُلقَّحُ، فهو أمرٌ مَظنونٌ، والغَررُ فيه مَوجودٌ، أو يُحمَلُ النَّهْيُ على الحثِّ على مَكارمِ الأخلاقِ والنَّدبِ إلى إعارتِه دونَ مُقابِلٍ؛ لِيَكثُرَ التَّناسُلُ في الحَيوانِ، وأنَّ مِثلَ هذا يَنْبغي للمسلمينَ أنْ يَتباذَلُوه بيْنهم؛ لأنَّه مِن جِنسِ الماعونِ، فتَشِيعَ رُوحُ التَّعاوُنِ والتَّرابُطِ بيْن النَّاسِ.
وفي حَديثِ أنَسِ بنِ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه عندَ التِّرمذيِّ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رخَّصَ في الكَرامةِ، أي: فأباحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَبولَ الهَديَّةِ التي يُعطِيها صاحبُ الأُنْثى بطَريقِ الكَرامةِ لا على سَبيلِ المُعاوَضةِ.