‌‌باب ما جاء في ميراث الإخوة من الأب والأم1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في ميراث الإخوة من الأب والأم1

حدثنا بندار قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي أنه قال: إنكم تقرءون هذه الآية: {من بعد وصية توصون بها أو دين} [النساء: 12] «وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية، وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه»، حدثنا بندار قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله
‌‌

‏قَوْلُهُ : ( وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَخْ ) ‏ ‏بِكَسْرِ إِنَّ.
وَالْوَاوُ لِلْحَالِ ‏ ‏( وَأَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ ) ‏ ‏بِفَتْحِ أَنَّ وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ , أَيْ وَقَضَى بِأَنَّ أَعْيَانَ بَنِي الْأُمِّ , وَالْمُرَادُ مِنْ أَعْيَانِ بَنِي الْأُمِّ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ مِنْ عَيْنِ الشَّيْءِ وَهُوَ النَّفِيسُ مِنْهُ " يَرِثُونَ " وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَتَوَارَثُونَ ‏ ‏( دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ ) ‏ ‏وَهُمْ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ وَأُمَّهَاتٍ شَتَّى.
وَالْمَعْنَى أَنَّ بَنِي الْأَعْيَانِ إِذَا اِجْتَمَعُوا مَعَ بَنِي الْعِلَّاتِ فَالْمِيرَاثُ لِبَنِي الْأَعْيَانِ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَازْدِوَاجِ الْوَصْلَةِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ : ‏ ‏قَوْلُهُ : ( إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ ) ‏ ‏إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ , يَعْنِي إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ هَلْ تَدْرُونَ مَعْنَاهَا ؟ فَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ , وَالْآخِرَةُ فِيهَا مُطْلَقٌ يُوهِمُ التَّسْوِيَةَ , فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا وَقَضَى فِي الْإِخْوَةِ بِالْفَرْقِ اِنْتَهَى ‏ ‏( الرَّجُلُ يَرِثُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ ) ‏ ‏اِسْتِئْنَافٌ كَالتَّفْسِيرِ لِمَا قَبْلَهُ.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي التَّلْخِيصِ وَفِيهِ يَرِثُ الرَّجُلُ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَعَزَّاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْحَاكِمِ.
فَإِنْ قُلْت : إِذَا كَانَ الدَّيْنُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَلِمَ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي التَّنْزِيلِ ؟ قُلْت : اِهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا الْكَشَّافُ لَمَّا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُشَبَّهَةً بِالْمِيرَاثِ فِي كَوْنِهَا مَأْخُوذَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَانَ إِخْرَاجُهَا مِمَّا يَشُقُّ عَلَى الْوَرَثَةِ وَيَتَعَاظَمُ وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ بِهَا , كَانَ أَدَاؤُهَا مَظِنَّةً لِلتَّفْرِيطِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ نُفُوسَهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ إِلَى أَدَائِهِ.
فَلِذَلِكَ قُدِّمَتْ عَلَى الدَّيْنِ بَعْثًا عَلَى وُجُوبِهَا وَالْمُسَارَعَةِ إِلَى إِخْرَاجِهَا مَعَ الدَّيْنِ , وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ أَوْ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ , قَالَهُ الْقَارِي.
قُلْت : وَسَيَأْتِي وَجْهُ تَقْدِيمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ مُفَصَّلًا فِي بَابِ يُبْدَأُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ.