باب ما جاء فيما يؤمر به من الوصية
حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله حدثنى نافع عن عبد الله - يعنى ابن عمر - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « ما حق امرئ مسلم له شىء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ».
شرع الله عز وجل الوصية لطفا بعباده ورحمة بهم عندما جعل للمسلم نصيبا من ماله يوصي به قبل وفاته في أعمال البر التي تعود على غيره بالخير، وتعود على الموصي بالأجر والثواب
وفي هذا الحديث حث النبي صلى الله عليه وسلم وأكد على المبادرة بكتابة الوصية قبل مباغتة الموت، وبين أنه ليس لائقا بالمسلم -سواء كان رجلا أو امرأة- وله شيء يوصي فيه من الأموال، والبنين الصغار، والحقوق التي له، وعليه؛ من ديون، وكفارات، وزكوات فرط فيها، أن تمضي عليه ليلتان أو أكثر؛ إلا ووصيته بهذا الشيء مكتوبة ومحفوظة عنده، فإذا وصى بذلك أخرجت الديون من رأس المال، وأخرج غيرها من ثلثه. وذكر وصف «مسلم» للتهييج؛ لتقع المبادرة لامتثاله؛ لما يشعر به من نفي الإسلام عن تارك ذلك، أو الوصف خرج مخرج الغالب
وأخرج الدارمي والدارقطني عن أنس قال: هكذا كانوا يوصون: هذا ما أوصى به فلان بن فلان؛ أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك بعده من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب {يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [البقرة: 132]، وأوصى إن حدث به حدث من وجعه هذا: أن حاجته كذا وكذا
وفي الحديث: الحث على كتابة الوصية
وفيه: أن الأشياء المهمة ينبغي أن تضبط بالكتابة؛ لأنها أثبت من الضبط بالحفظ؛ لأنه يخون غالبا
وفيه: الندب إلى التأهب للموت، والاحتراز قبل الفوت؛ لأن الإنسان لا يدري متى يفجؤه الموت