باب ما جاء كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث، عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سألت عائشة، عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يوتر من أول الليل أم من آخره؟ فقالت: «كل ذلك قد كان يصنع، ربما أوتر من أول الليل، وربما أوتر من آخره». قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، فقلت: كيف كانت قراءته؟ أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ قالت: «كل ذلك كان يفعل، قد كان ربما أسر وربما جهر». قال: فقلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة قال: قلت: فكيف كان يصنع في الجنابة؟ أكان يغتسل قبل أن ينام، أم ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: «كل ذلك قد كان يفعل، فربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام». قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه»
كانتْ أمَّهاتُ المؤمِنينَ رِضوانُ اللهِ عليهنَّ يَنقُلنَ للنَّاسِ عِبادةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بيتِه؛ مِن قيامِ اللَّيلِ ووِتْرِه وقراءتِه، وكان النَّاسُ يَسألُونهنَّ؛ حتَّى يتَعلَّموا سُنَّتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ أبي قيسٍ: "سألتُ عائشةَ عن وِترِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، يَعني: كيف كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي الوترَ؟ وما هو الوقتُ الذي يُوتِرُ فيه؟ فقالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: "ربَّما أوترَ أوَّلَ اللَّيلِ"، تَعني: ربَّما صلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلاةَ الوترِ في أوَّلِ اللَّيلِ، "ورُبَّما"، أي: في أحيانٍ أخرى "أوتَرَ مِن آخِرِه"، أي: يَكونُ وِترُه في آخِرِ اللَّيلِ.
ثمَّ سألَها: "كيف كانتْ قِراءتُه" صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَعني: في الصَّلاةِ؛ "أكان يُسِرُّ بالقِراءةِ"، يَعني: هل كانت قِراءتُه سِرًّا، "أم يَجهَرُ"؛ أم تَكونُ قِراءتُه مَسموعةً؟ فقالت عائشةُ رضي اللهُ عنها: "كلَّ ذلك كان يَفعَلُ"، تَعني: ربَّما أسرَّ بالقِراءةِ، وربَّما جهَر بالقراءةِ وكانَت مَسموعةً، "وربَّما اغتسَل"، تَعني: مِن الجنابَةِ، "فنام، وربَّما توضَّأَ فنام"، أي: دون أن يَغتسِلَ.
وفي الحديثِ: الحِرصُ على مَعرفةِ سُننِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: بيانُ أنَّ الدِّينَ يُسرٌ لا عسرٌ، وقد بيَّن ذلك النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بهَدْيِه وسُنَّتِه.