باب ما قيل في أولاد المسلمين
بطاقات دعوية
عن البراء رضي الله عنه قال: لما توفي إبراهيم عليه السلام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن له مرضعا في الجنة"
إبراهيمُ هو ابنُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ماريةَ القِبطيَّةِ رَضيَ اللهُ عنها، وُلِد في ذي الحِجَّةِ سَنةَ ثمانٍ مِن الهِجرةِ، وقد تُوُفِّيَ في صِغَرِه، وهو يَبلغُ ثمانيةَ عَشَرَ شهرًا، ومات في السَّنةِ العاشرةِ مِن الهِجرةِ، فلمَّا ماتَ حَزِنَ عليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبكى عليه، وقدْ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما في هذا الحَديثِ أنَّ له مُرْضِعًا في الجنَّةِ، أي: يَجعلُ اللهُ له مَن يُتِمُّ رَضاعتَه في الجنَّةِ؛ فقدْ مات ولم يُتِمَّ رَضاعتَه.
وهذا مِن رَحمةِ الله وفضْلِه على إبراهيمَ ابنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فإنَّه يَحْيا في الجنَّةِ حياةً بَرزخيَّةً كالصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ، ويُرزَقُ كما يُرزَقون، ويَتمثَّلُ رِزقُه في ذلك اللَّبنِ الذي يَرضَعُه مِن مُرضعتِه في الجنَّةِ.
وهذا يدُلُّ على أنَّ مَن مات مِن أطفالِ المسلِمينَ فهو مِن أهلِ الجنَّةِ، ولا يُعارِضُه ما رواه مُسلِمٌ مِن حديثِ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها: تُوفِّيَ صبيٌّ، فقلْتُ: طُوبى له، عُصفورٌ مِن عَصافيرِ الجنَّةِ، فقال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أوَ لا تَدرِينَ أنَّ اللهَ خَلَقَ الجنَّةَ وخلَقَ النَّارَ، فخَلَقَ لهذه أهلًا ولهذه أهلًا»، ولعلَّ مُرادَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنْ هذا الحَديثِ نَهْيُها عن المُسارعةِ إلى القَطْعِ مِن غيرِ أنْ يَكونَ عِندَها دَليلٌ قاطِعٌ؛ لِما فيه مِن الحُكْمِ بالغَيبِ، والجَزْمِ بإيمانِ أصلِ الوَلَدِ؛ لأنَّها أشارَتْ إلى طفلٍ مُعيَّنٍ، فالحُكْمُ على شَخصٍ مُعيَّنٍ بأنَّه مِن أهْلِ الجَنَّةِ لا يَجوزُ مِن غيرِ وُرودِ النَّصِّ؛ لأنَّه مِن عِلمِ الغَيبِ.