باب ما يقال بعد الوضوء 1

سنن ابن ماجه

باب ما يقال بعد الوضوء 1

 حدثنا موسى بن عبد الرحمن، حدثنا الحسين بن علي وزيد بن الحباب (1) (ح)
وحدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو نعيم، [قالوا]: حدثنا عمرو بن عبد الله بن وهب أبو سليمان النخعي، قال: حدثني زيد العمي
عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال ثلاث مرات: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فتح له ثمانية أبواب الجنة، من أيها شاء دخل" (2).

زكَّى اللهُ عزَّ وجلَّ بعضَ الأوقاتِ بأنَّ لها فَضلًا، ومِن ذلك أن جَعَلَ بعضَها أرجَى في استجابةِ الدُّعاءِ، وخصَّ بعضَ الأدعيةِ ببَعضِ تلك الأوقاتِ، ومِن ذلك ما يَقولُه السَّامعُ للأذانِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قالَ عَقِبَ سَماعِه للأذانِ وانتهاءِ المُؤذِّنِ منه: «أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شَريكَ له»، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا هو، وأُقِرُّ أنَّه لا شَريكَ له في مُلكِه ولا عِبادتِه، «وأنَّ محمَّدًا عبْدُه ورَسولُه»، وقد وُصِفَ بالعُبوديَّةِ الَّتي هي غايةُ التَّذلُّلِ والخُضوعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ أتقَى الخَلقِ على الإطلاقِ، ولم يَبلُغْ أحَدٌ مَبلَغَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ التَّذلُّلِ والخُضوعِ لِمَولاهُ، والإضافةُ فيه للتَّشريفِ، وهي إشارةٌ إلى كَمالِ مَرتبتِه في مَقامِ العُبوديَّةِ بالقِيامِ في أداءِ حقِّ الرُّبوبيَّةِ، ثُمَّ يَقولُ: «رَضِيتُ باللهِ ربًّا»، أي: رَضيتُ بِرُبوبيَّتِه وبجَميعِ قَضائه وقَدَرِه، «وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا» أي: رَضيتُ بجميعِ ما أُرسِلَ به وبَلَّغَه إلينا مِنَ العقائدِ والشَّرائعِ وغيرِها، «وبالإسلامِ»، أي: ورَضيتُ بجميعِ أحكامِ الإسلامِ مِنَ الأوامِرِ والنَّواهي، فرَضيتُه «دِينًا»، أيِ: اعتِقادًا أوِ انقيادًا؛ فإنَّ مَن قالَ هذا الدُّعاءَ «غُفِرَ له ذَنْبُه»، أي: منَ الصَّغائرِ، وفي صحيحِ ابنِ خُزَيمةَ وابنِ حِبَّانِ: «غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنْبِه».