‌‌باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

‌‌باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا عبد الله بن نمير، وأبو معاوية، ووكيع، ومحمد بن عبيد، كلهم عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول: «سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد»، قال أبو داود: قال سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، عن عبيد أبي الحسن، هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع، قال سفيان: " لقينا الشيخ عبيدا أبا الحسن، بعد، فلم يقل فيه: بعد الركوع "، قال أبو داود: ورواه شعبة، عن أبي عصمة، عن الأعمش، عن عبيد، قال: بعد الركوع

كان الصحابة يتعلمون من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يلاحظونه في كل أحواله، فيستنون بهديه، وينقلون عنه كل التفاصيل ليعلموا من بعدهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول أذكارا أو أدعية في مواضع من صلاته، وهذا الحديث يبين بعض أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فيخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد"، أي: لك الحمد حمدا كثيرا لا إحصاء له ولا حصر
"أهل الثناء والمجد"، أي: فأنت تستحق الثناء والذكر والتمجيد والتعظيم
"لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت"، أي: إذا أردت الإعطاء والإنعام على أحد فلا يستطيع أحد منع فضلك عنه، وإذا أردت الإمساك ومنع العطاء عن أحد فلا يستطيع أحد أن يمنعك، وهذا كما قال الله: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده} [فاطر: 2]
"ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، والجد هو الحظ من الدنيا، مثل الغنى وغيره. والمعنى: أنه لا ينفع الغنى والحظ صاحبه عندك، وإنما تنفعه الطاعات والعمل. وقيل: إن الحظ والغنى منك، فلا ينفع الحظ صاحبه ولا يغني عنه من عذاب الله شيئا
وهذا الدعاء ملؤه الحمد والشكر والتمجيد لله، مع التسليم الكامل لله سبحانه وتعالى، والتخلص من الحول والقوة الإنسانية إلى حول الله وقوته
وفي رواية: "إلى قوله: وملء ما شئت من شيء بعد، ولم يذكر ما بعده"، أي: اقتصر على هذا القدر من الدعاء
وفي الحديث: بيان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد الرفع من الركوع، واشتماله على الحمد والتمجيد لله، مع التسليم والإنابة