باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 4
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه قال اللهم خلقت نفسي وأنت توفاها لك مماتها ومحياها إن أحييتها فاحفظها وإن أمتها فاغفر لها اللهم إني أسألك العافية فقال له رجل أسمعت هذا من عمر فقال من خير من عمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (م 8/ 78)
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم أحرَصَ النَّاسِ على عامَّةِ المسلِمينَ، وكانوا يُعلِّمونَهم كلَّ ما يُنفَعُهم في الدُّنيا والآخرةِ، وهُم أَولَى الأُمَّةِ بذَلِكَ؛ فمُعَلِّمُهم هو رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي التَّابعيُّ عبدُ اللهِ بنُ الحارثِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما عَلَّم رجُلًا وأمَرَه بذِكْرٍ يُقالُ عِندَما يُريدُ الإنسانُ النَّومَ، إذا أخَذَ مَضجَعَه، وهو فِراشُه الَّذي يَنامُ فيه، فيقول: «اللهمَّ خَلقتَ نفْسِي، وأنت توفَّاها» بالنَّومِ، وهو الوفاةُ الصُّغرى، أو بالموتِ وهو الوفاةُ الكُبرى، فتُمِيتُها إذا جاء أجَلُها، فيَذكُرُ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتَعالَى هو الخالقُ المحْيِّ المميتُ، بِيدِه الأُمورُ كُلُّها، وهُو على كُلِّ شيءٍ قَديرٌ؛ فالإيجادُ مِنَ العَدَمِ إليه سُبحانَه وتَعالَى لا يَقْدِرُ عليهِ غَيرُه، وهو الَّذي يَتوفَّى كلَّ نفْسٍ متَى شاءَ كيْف شاءَ سُبحانه
وقَولُهُ: «لكَ مَماتُها ومَحياها»، فبيَدِه سُبحانه مَوتُها ثمَّ إحْياؤها بالبعثِ مِن القبورِ، «إنْ أحييتَها» بأنْ أيْقَظْتَها بعْدَ نَومِها وأبْقَيْتَها في دارِ الدُّنيا، «فاحْفَظَها» مِن كلِّ شَرٍّ يَعرِضُ لها في الدِّينِ والدُّنيا، «وإنْ أمتَّها فاغِفْرِ لها» جَميعَ ذُنوبَها؛ لأنَّ الفَوزَ للإنسانِ إنْ أَحْيَا اللهُ سُبْحَانه وتَعالَى نَفْسَه مِنَ النَّومِ أنْ يَحفَظَها عن شُرورِ الحَياةِ، وإِنْ أَمَاتها أنْ يَغفِرَ لَها؛ فهِيَ بعدَ الموتِ أحوجُ إلى المغفِرَةِ، ثُمَّ خَتمَ بِمجموعِ الأَمْرَيْنِ، وهُوَ سُؤالُ العافيةِ، وهي عندَ الإطلاقِ تَشمَلُ السَّلامةَ مِن شُرورِ الدُّنيا والآخرَةِ
فَسألَ رجُلٌ ابنَ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما عندما سَمِعَ منه هذا الدُّعاءَ: أَسمعتَ هذا مِن عُمرَ؟ فأجابَه ابنُ عُمرَ بأنَّه سَمِعَه مِن خيرٍ مِن عُمر؛ سَمِعَه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: تَنبيهٌ لِلإنسانِ إِذا أَوَى إلى فِراشِه أنْ يُجَدِّدَ الإيمانَ قَبْلَ نَومِه
وفيه: بيانُ حِرصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على تَعليمِ أُمَّتِه الأذكارَ
وفيه: الحثُّ والتَّرغيبُ على ذِكرِ اللهِ في كلِّ الأحوالِ