باب ما يكره من الأسماء1
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر
عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لئن عشت، إن شاء الله، لأنهين أن يسمى رباح ونجيح وأفلح (2) ويسار" (3)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُغيِّرُ بعضَ الأسماءِ الموروثةِ مِن الجاهليَّةِ؛ لِيُصحِّحَ المفاهيمَ، ويُبعِدَ العُقولَ والقُلوبَ عن ارتباطِها بأسماءٍ تَحمِلُ صِفاتٍ ربَّما يكونُ فيها مُخالَفةٌ شَرعيَّةٌ، أو مُرتبِطةٍ باعتقاداتٍ فاسدةٍ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابِرُ بنُ عبدِ الله رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ أنْ يَنْهَى عن أنْ يُسمَّى بِيَعْلَى وبِبَرَكَةَ وبِأَفْلَحَ وبِيَسَارٍ وبِنَافِعٍ وبنحوِ ذلك، أي: وبمعنى ما ذُكر من الأسماءِ؛ وهذا لِما جاء عندَ مُسلمٍ أنَّه قدْ يُقالُ: أمَوجودٌ أفْلَحُ؟ أمَوجودٌ رَبَاحٌ؟ فيُقال: لا، فيُستَثْقَلُ ذلك لأجْلِ كَراهِيةِ فَقْدِ مَعَاني هذه الأسماءِ، ولِبَشاعةِ الجوابِ، ورُبَّما أَوْقَع بَعضَ النَّاسِ في شَيءٍ مِن الطِّيَرَةِ والتَّشاؤمِ، فنَهاهم عن السَّببِ الَّذي يَجلِبُ سُوءَ الظَّنِّ واليَأسَ مِن الخيرِ، وأشار إلى استمرارِ مَعنى التَّفاؤلِ بعَدَمِ نَفْيِ وُجودِ هذه المعاني، على أنَّ النَّهيَ لم يَختَصَّ بهذه الأسماءِ المنصوصةِ.
قال جابرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «ثُمَّ رأيتُه سَكَت بَعْدُ» أي: بعدَ إرادَتِه النَّهيَ عن التَّسميةِ سَكَت عن هذه الأسماءِ المذكورةِ وغيرِها، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يَنْهَ عمَّا ذُكِر مِن الأسماءِ، واستدَلَّ بذلك بعضُهم على أنَّ هذا حَديثٌ ناسخٌ لِحَديثِ سَمُرةَ رَضيَ اللهُ عنه المصرَّحِ فيه بالنَّهيِ عن التَّسميةِ بهذه الأسماءِ، ويَحتمِلُ أنَّ حَديثَ سَمُرةَ مَحمولٌ على التَّنزيهِ، ثُمَّ أراد عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه وهو في خِلافتِه أنْ يَنهَى عن ذلك، ثُمَّ تَرَكَه اقتداءً بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.