باب متى يقضي من نام عن حزبه من الليل 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أن عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من نام عن حزبه ـ أو قال: جزئه من الليل ـ فقرأه فيما بين صلاة الصبح إلى صلاة الظهر فكأنما قرأه من الليل "
مِن فضْلِ اللهِ تعالَى على عِبادِه المؤمنين أنْ جَعَل لهم مِن الرُّخَصِ ما يَتدارَكون بها ما فاتَهُم مِن عِباداتِهم ونَوافلِهم
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ «مَنْ نامَ عن حِزبِه أو عن شَيءٍ منه» في اللَّيلِ، كما دلَّت عليه الرِّوايةُ الموقوفةُ عندَ النَّسائيِّ: «مَن فاتَه حِزبُه مِن اللَّيلِ» غَلَبَهُ النَّومُ، أوْ كانَ عندَه عُذرٌ مَنَعهُ منه، لكنَّ نيَّتَه حاضرةٌ، والحِزبُ: الوِردُ الَّذي يَجعَلُه الإنسانُ على نفْسِه عادةً يَعتادُ أنْ يَتطوَّعَ به؛ مِن قِراءةِ قُرآنٍ، أو ذِكرٍ، أو صَلاةٍ، فقدْ تَفضَّلَ اللهُ عليه بمُتَّسعٍ مِن الوقتِ؛ فإذا «قرَأَه فيما بيْنَ صَلاةِ الفجرِ وصَلاةِ الظُّهرِ»، أي: تَدارَكَه في هذا الوقتِ؛ وذلكَ لأنَّ في هذا الوقتِ سَعةً يَستطيعُ العبدُ فيه أنْ يَستدرِكَ ما فاتَه في اللَّيلِ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ تَحريضًا على المُبادَرةِ؛ لأنَّه وقتٌ مُتَّصِلٌ بآخِرِ اللَّيلِ بغيرِ فصْلٍ، سِوى صَلاةِ الصُّبحِ، فيكونُ الجزاءُ أنْ يُكتَبَ لهذا العبدِ أجْرُه كاملًا في صَحيفةِ عَملِه كما لو فعَلَه في وقْتِه، وهنا لَمْحةٌ إلى لُطفِ اللهِ بعَبدِهِ الَّذي يُديمُ على حالٍ في الخَيرِ، فإذا بَدَرَ منْه ما يُخالِفُ هذا الحالَ، تَفضَّلَ اللهُ عليه ولمْ يَنقُصْه أجْرَه كما لو فعَلَه؛ وذلك لحُسنِ نيَّتِه وصِدقِها
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى الحثِّ على قَضاءِ النَّوافلِ؛ حتَّى لا يَعتادَ الإنسانُ إسقاطَها عندَ فواتِها
وفيه: مَشروعيَّةُ اتِّخاذِ وِردٍ مِن العباداتِ في اللَّيلِ
وفيه: مَشروعيَّةُ قَضاءِ وِردِ اللَّيلِ إذا فات لنَومٍ، أو عُذرٍ مِن الأعذارِ