باب من تصدق بصدقة ثم ورثها 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله، عن عبد الكريم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه
عن جده، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أعطيت أمي حديقة لي، وإنها ماتت، ولم تترك وارثا غيري. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وجبت صدقتك، ورجعت إليك حديقتك" (1).
نظَّمَ الشَّرعُ الحكيمُ أموالَ التَّصدُّقِ والهِباتِ بين النَّاسِ، كما نظَّمَ أُمورَ المواريثِ؛ فبيَّنَ حقَّ كلِّ ذي حقٍّ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: "جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: "إنِّي أعطيْتُ أُمِّي حَديقةً لي"، أي: أعطيْتُها لها على سَبيلِ الهِبَةِ أو الصَّدقةِ، "وإنَّها ماتت ولم تترُكْ وارثًا غيري"، أي: كأنَّه يسأَلُ عن رُجوعِ الصَّدقةِ إليه مرَّةً أُخرى؛ هل يصِحُّ ذلك أمْ لا؟ فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "وجبَتْ صدقَتُك"، أي: تمَّتْ ونفَذتْ ووصَلَتْ مَحلَّها عند اللهِ، ولك أجْرُها، "ورجَعَتْ إليك حَديقتُك"، أي: بالميراثِ؛ حيث لا وراثَ غيرُك؛ ففي هذا دَلالةٌ على أنَّ للمُتصدِّقِ أخْذَ صَدقتِه لَمَّا رجَعَتْ إليه بالميراثِ، ونَبَّه على الفَرقِ بين الصَّدقةِ الرَّاجعةِ إلى المُتصدِّقِ بفِعلِ اللهِ والرَّاجعةِ إليه بفِعلِ نفْسِه، فإذا رجَعَتْ بفِعلِ اللهِ إلى المُتصدِّقِ أو الواهبِ فلا حرَجَ فيها، بينما منَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يرجِعَ الواهبُ والمُتصدِّقُ في هِبَتِه أو صَدقتِه، كما عند البُخارِيِّ ومُسلِمٍ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ، وحديثِ عمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنهما.