باب من جر ثوبه من الخيلاء 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة قال: قال النبي أو قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -:
"بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل (2) جمته؛ إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إل
الكِبْرُ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنوبِ، وَأَكْبَرِ الآثامِ، وقدْ نَهَى اللهُ سُبحانه عنه نَهْيًا شَديدًا، وتَوَعَّدَ أصحابَ الكِبْرِ بأشدِّ العذابِ، وقد خَلَقَ اللهُ عِبادَهُ كُلَّهم سواءً، لا فَضْلَ لِأَحَدٍ على أَحَدٍ إلَّا بالتَّقوى وقُربِه مِن اللهِ تعالَى.
وفي هذا الحديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «بَيْنَما رَجُلٌ يَمْشي» قِيلَ: هو إِخْبارٌ عن شخْصٍ في الأُمَّةِ سَيَحْدُثُ له ذلك، وَقِيلَ: هو إِخْبارٌ عَمَّنْ سَبَقَنَا مِن بني إسرائيلَ، «قدْ أَعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ»، يَعْني هُنا سُرَّ وفَرِحَ حتَّى اسْتَكْبَرَ، والجُمَّةُ هي شَعرُ الرَّأْسِ إذا طال فَوَصَلَ إلى المَنْكِبَيْنِ، وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ: «مُرجِّلٌ جُمَّتَه»، وتَرجيلُ الشَّعرِ تَسريحُه ودَهْنُه، «وَبُرْداهُ»، أي: ثِيَابَهُ، والبُردانِ يَشمَلانِ الرِّداءَ والإزارَ، وإعجابُ الرَّجلِ بنفْسِه أو جُمَّتِه أو ثَوبهِ؛ هو مُلاحَظتُه لها بعَينِ الكمالِ واسْتِحسانُها مع نَسيانِ مِنَّةِ اللهِ تعالَى، فإنْ رَفَعَها على الغيرِ واحتَقَرَه فهو الكِبرُ المذمومُ، ولذلك لمَّا مَشى هذا الرَّجلُ مُعجَبًا مَغرورًا بحالِه وهَيئتِه وثِيابِه، كان جَزَاءُ ذلك الكِبْرِ أنْ «خُسِفَ به الأرضُ»، أي: انْهارَتْ به، فَدَخَلَ فيها وغاصَ، «فهو يَتَجَلْجَلُ»، أي: يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ وهو يَنزِلُ وَيَغوصُ في باطنِ الأرضِ ويَظَلُّ كذلك إلى يومِ القيامةِ، فيَكونُ أبلَغَ في نِكايتِه، وإهانَتِه لكِبْرِه. قِيلَ: هذا العذابُ يَحْدُثُ له في باطنِ الأرضِ وهو حَيٌّ. وَقِيلَ: بلْ لَمَّا انْخَسَفَتْ به الأرضُ دُفِنَ فَماتَ، وَتَجَلْجُلُهُ فيها إلى قِيامِ السَّاعَةِ مِن عَذابِ قَبْرِهِ.
وفي الحديثِ: إثباتُ الخَسْفِ لِلْعاصينَ.
ى يوم القيامة".