باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة
بطاقات دعوية
عن أبي وائلٍ قالَ: كانَ عبدُ الله يذكِّرُ الناسَ في كلِّ خميسٍ، فقالَ لهُ رجلٌ: يا أبا عبدِ الرحمن! لوَدِدتُ أنكَ ذكَّرتَنا كلَّ يومٍ. قالَ: أمَا إِنَّه يمنعُني من ذلكَ أنّي أَكرَهُ أنْ أُمِلَّكم، وإِنِّي أتَخوَّلُكم بالموعظةِ كما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ عنه قال: كنَّا ننتظرُ عبدَ اللهِ، إِذْ جاءَ يزيدُ بنُ معاويةَ ) فقلنا: ألا تجلسُ؟ قالَ: لا، ولكن أَدخُلُ فأُخرِجُ إِليكم صاحبَكم، وِإلا جئتُ أنا فجلستُ، فخرجَ عبدُ الله وهو آخذ بيَده، فقامَ علينا، فقالَ: أما إِني أُخبَرُ بمكانِكم، ولكنه يمنعني من الخروج إِليكم
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسنَ الناسِ تَعليمًا وتربيةً لأصحابِه؛
فكان يُعلِّمُهم بالقولِ والفِعلِ،وقد نقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ هَدْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الموعظةِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن شِدَّةِ حِرصِه على انتفاعِ أصحابِه واستفادتِهم مِن وَعْظِه وإرشادِه؛ أنَّه لم يكُنْ يُكثِرُ عليهم مِن ذلك، وإنَّما يَتعهَّدُهم بالمَوعظةِ في بعضِ الأيَّامِ دونَ بعضٍ، ويَتحرَّى الأوقاتَ المناسبةَ، الَّتي هي مَظنَّةُ استعدادِهم النَّفسيِّ لها، وإنَّما كان يَقتصِرُ على الوقتِ المناسبِ خَوفًا على نُفوسِهم مِن الضَّجَرِ والملَلِ، الَّذي يُؤدِّي إلى استثقالِ المَوعظةِ وكَراهتِها ونُفورِها، فلا تَحصُلُ الفائدةُ المَرجوَّةُ
وفي الحديثِ: بيانُ رِفقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَظيمِ شَفقتِه بأُمَّتِه؛ ليَأخُذوا الأعمالَ بنَشاطٍ وحِرصٍ عليها، لا عن ضَجَرٍ ومَلَلٍ
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتَخوَّلُنا بها [في الأَيام] مخافةَ (في روايةٍ: كراهِيَةَ) السَّآمةِ علينا.