باب من حلف له بالله فليرض 1
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة، حدثنا أسباط بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن نافع
عن ابن عمر، قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يحلف بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله" (4).
لا يَنبَغي للمَخلوقِ الحَلِفُ إلَّا بِاللهِ تَعالى؛ لأنَّ الحَلِفَ والأيمانَ فيها تَعظيمٌ للمَحلوفِ به، ولهذا أوْجَب اللهُ- عزَّ وجلَّ- في الحَلِفِ ألَّا يكون إلا به، أو بِاسْمٍ من أسْمائِه، أو بِصِفةٍ من صِفاتِه، وأمَّا اللهُ تعالى فإنَّ له أنْ يُقسِمَ بما شاءَ مِن خَلقِه.
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بْنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِأبيه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَحْلِفوا بِآبائِكُم»، والمرادُ بِالنَّهي عن الحَلِفِ عَامَّةً بِجميعِ المخْلوقاتِ، وخَصَّ الآباءَ بالذِّكرِ؛ لأنَّه كان الغالِبَ؛ فقد كانتْ قُريشٌ تَحلِف بآبائها ونَحوها، ثُمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَنْ حَلَفَ بِاللهِ فَلْيَصْدُقَ»، أي: فيما يَحلِفُ عليه؛ لأنَّ اليمينَ الغَموسَ من أكْبَرِ الكَبائرِ، وخاصَّةً إنْ تَعلَّقَ بها حَقٌّ كُتِمَ بسَببِ هذِه اليَمينِ، «وَمَنْ حُلِفَ له بِاللهِ»، لإرْضائِه، «فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لم يَرْضَ بِاللهِ فَليسَ مِنَ اللهِ»، أي: فَليسَ مِن دِينِ اللهِ بِشيءٍ، أو فليس منْ قُربِ اللهِ في شَيءٍ؛ لأنَّ أهْلَ الدِّينِ والقُربِ يُصدِّقونَ الحالفَ فيما حَلفَ عليه تَعظيمًا للهِ، ومَن لا يُصدِّقه مع إمْكان التَّصديق فَليسَ مِنهم، ولعلَّ هذا مَحمولٌ على أهْلِ الإسلامِ؛ لأنَّهم المُكلَّفون بِشَرائعِه وليس الكُفَّار( ).