باب من دعي إلى طعام وهو صائم 2
سنن ابن ماجه
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا أبو عاصم، أخبرنا ابن جريج، عن أبي الزبير
عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك" (2).
مِن سَماحةِ الإسلامِ أنَّه راعَى تَرابُطَ الناسِ وتَوادَّهم؛ حيثُ حثَّ على إجابَةِ الدَّاعي وجعَلَها حقًّا مِن حُقوقِ المسلمِ على أخيهِ؛ مِن أجلِ مُجتمَعٍ تَسودُه رُوحُ المودَّةِ والإخاءِ والتَّرابطِ والتَّلاحُمِ.
وفي هذا الحديثِ يُرشِدُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى أنَّه إذا دُعِيَ أحدٌ إلى طَعامٍ -سواءٌ كان وَليمةً أو غيْرَها، مِن أخيهِ المسْلمِ- فليُجِبِ الدَّعوةَ وليَذهَبْ، فإنْ كان مَن جاءتْ لهُ الدَّعوةُ إلى الطَّعامِ صائمًا نفْلًا أو قَضاءً أو نَذرًا؛ إذ لو كانَ الصِّيامُ فرْضًا في رَمضانَ لَما دَعاه الدَّاعي؛ ولِذلكَ أَرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّائمَ إلى أنْ يُوضِّحَ حالَه في رِوايةٍ أُخرى لمسلمٍ: «فَلْيَقُلْ: إنِّي صائمٌ» اعتِذارًا للدَّاعي، وإعلامًا بحالِه أنَّه صائمٌ ولنْ يَستطيعَ الأَكلَ مِن طَعامِه، «فليُصَلِّ»، أي: فلْيَدْعُ لأهلِ البَيتِ بالخيرِ والبركةِ ويَشتغِلْ بالدُّعاءِ لهم، ولْيُعلِمْ أَخاه المُسلمَ الدَّاعيَ أنَّ امتناعَه ما كانَ إلَّا لأَجلِ صَومِه، لا لأنَّه تَحرَّجَ مِن أنْ يَأكُلَ طَعامَه، وكانَ مِن عادةِ العربِ أنَّهم إذا أَضْمَروا لأَحدٍ شَرًّا لم يَأكُلوا مِن طَعامِه، وإنْ كانَ المدعوُّ مُفطِرًا غيْرَ صائمٍ، فلْيأكُلْ مِن الطَّعامِ.
وفي الحَديثِ: الأمرُ بإجابةِ الدَّعوةِ إلى الطَّعامِ.
وفيه: الحثُّ على الدُّعاءِ للمُطعِمين.