باب من رأى عليه كفارة إذا كان فى معصية
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد الطويل عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يهادى بين ابنيه فسأل عنه فقالوا : نذر أن يمشى. فقال : « إن الله لغنى عن تعذيب هذا نفسه ». وأمره أن يركب. قال أبو داود : رواه عمرو بن أبى عمرو عن الأعرج عن أبى هريرة عن النبى -صلى الله عليه وسلم- نحوه.
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وشرط التكليف بأي عمل هو العلم والاستطاعة، وهذا أصل من أصول التشريع الإسلامي
وفي هذا الحديث يروي أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا كبيرا طاعنا في السن قد وهن عظمه وضعفت قواه، وأصبح لا يستطيع السير إلا مستعينا بغيره، فهو يهادى بين ابنيه، أي: يمشي بينهما متوكئا عليهما، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حاله: ما بال هذا لا يتمالك نفسه ويكاد يسقط على الأرض من شدة الإعياء والتعب؟ فأخبروه بأنه قد نذر أن يحج إلى بيت الله الحرام ماشيا، فاستنكر النبي صلى الله عليه وسلم فعله هذا، وقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وتكليفها ما تعجز عنه ولا تقدر عليه؛ فهو القائل عز وجل: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185]، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يركب؛ لكونه عجز عن الوفاء بنذره، وهذا بيان أن الغرض من فرض العبادات ليس التعذيب والتعجيز، وإنما الامتثال للأمر والطاعة، ولا أحد أرحم بالخلائق من بارئها سبحانه وتعالى
وفي الحديث: بيان تيسير الشرع في مواطن الاضطرار والشدة
وفيه: أن تكاليف الدين مبنية على قدر استطاعة العبد على العمل
وفيه: إثبات صفة الغنى لله سبحانه وتعالى؛ فهو الغني بذاته سبحانه، والخلق كلهم مفتقرون إليه سبحانه وتعالى