باب من فضائل الأنصار رضي الله تعالى عنهم

بطاقات دعوية

باب من فضائل الأنصار رضي الله تعالى عنهم

حديث زيد بن أرقم عن أنس بن مالك، قال: حزنت على من أصيب بالحرة، فكتب إلي زيد ابن أرقم، وبلغه شدة حزني، يذكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب المدينة وأهلها، وكثيرا ما دعا لهم بالخير؛ جزاء على نصرهم الله ورسوله
وفي هذا الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن الأنصار اشتدت عليهم السواني" والسواني جمع سانية، وهو البعير الذي يخرج الماء بواسطته ويحمل عليه، والمعنى: شق على الأنصار نقل الماء من الآبار على الإبل لسقي الزرع، "فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم أو يحفر لهم نهرا" عزموا على أن يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بأن يجري لهم الماء في بلادهم، أو أن يجعل لهم نهرا جاريا يحفرونه ويخرجون طينه لإجراء الماء فيه من منابعه إلى المدينة وإلى مزارعهم، كما بينت رواية أخرى عند أحمد وفيها: "فقالوا: إلى متى ننزع من هذه الآبار، فلو أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الله لنا، ففجر لنا من هذه الجبال عيونا"، قال أنس رضي الله عنه: "فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك" بأن الأنصار يطلبونه في أمر لهم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يسألوني اليوم شيئا إلا أعطوه" إكراما لهم ولما قدموه من سبق في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ "فأخبرت الأنصار بذلك" بأن النبي صلى الله عليه وسلم سيسعى في تنفيذ ما يطلبونه منه، "فلما سمعوا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا: ادع الله لنا بالمغفرة" وفي رواية عند أحمد: "فقال بعضهم لبعض: اغتنموها وسلوا المغفرة؛ فقالوا: يا رسول الله، ادع الله لنا بالمغفرة"، فغيروا من وجهتهم ورغبتهم؛ لأن النهر من متاع الدنيا الفانية، والمغفرة فيها متاع الآخرة الباقية؛ فآثروا ما يبقى على ما يفنى، وهذا دليل على قوة إيمانهم وزهدهم في الدنيا رضي الله عنهم وأرضاهم، فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اغفر للأنصار" وهم الصحابة من أهل المدينة الذين نصروا دين الإسلام، وآووا رسول الله صلى الله عليه وسلم، "ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار" وفي رواية الترمذي: "ولذراري الأنصار، ولذراري ذراريهم" بمعنى: اغفر لأبنائهم وأبناء أبنائهم جيلا بعد جيل، قيل: ظاهره الانتهاء بالاستغفار إلى البطن الثالث؛ لأنهم من القرون التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، ويمكن أن تشمل بركة هذا الاستغفار المؤمنين من الأنصار إلى يوم القيامة؛ مبالغة في إكرام الأنصار، لاسيما إذا كانت نية الأولاد فعل مثال ما سبق إليه الأجداد، ويؤيد ذلك قوله في هذه الرواية: "ولذراري الأنصار"
وفي الحديث: منقبة وفضل لأهل المدينة
وفيه: توفيق الله عز وجل لعباده الصالحين لأعمال الخير