باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه

بطاقات دعوية

باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: بينا أنا نائم رأيتني على قليب، عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له ضعفه ثم استحالت غربا،  فأخذها ابن الخطاب، فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر، حتى ضرب الناس بعطن

كان لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما مكانة عظيمة عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانا وزيريه ومستشاريه، وكان لهما أثر في الإسلام عظيم
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه واقف على بئر يخرج منها الماء، فجاء أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وسحبا ماء من البئر، فقام أبو بكر رضي الله عنه، فأخرج من البئر ذنوبا من ماء -وهو الدلو المملوء بالماء- أو ذنوبين، وفي إخراجه للماء ونزعه ضعف، وليس في قوله صلى الله عليه وسلم: «ضعف» حط من قدر أبي بكر الرفيع، وإنما هو إشارة إلى قصر مدة خلافته، أو إشارة إلى قلة الفتوحات في عهده رضي الله عنه؛ فقد انشغل بقتال أهل الردة ومانعي الزكاة، وقوله: «فغفر الله له» ليس معناه أن الصديق ارتكب ذنبا، ولكنها كلمة شائعة في استعمالات العرب لا يقصد بها معناها الظاهر، ويأتون بها إجلالا للمخاطب، وإكراما لحرمته، ومنه قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة: 43]
وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفه أبو بكر رضي الله عنه سنتين وأشهرا، وحصل في خلافته قتال أهل الردة، وقطع دابرهم واتساع الإسلام، ثم توفي
ثم جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فوقف على البئر وأخذ الذنوب من يد أبي بكر، فتحول في يده غربا، والغرب: هو الدلو الكبير الذي يسقى به البعير، وهو أكبر من الذنوب، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فلم أر عبقريا في الناس يفري فريه»، والعبقري هو الحاذق المتقن لعمله، والمعنى: لم أر في الناس سيدا عظيما ورجلا قويا، وإنسانا حاذقا يعمل عمله ويقطع قطعه مثل عمر، وظل يخرج الماء «حتى ضرب الناس بعطن»، والعطن: مبرك الإبل حول الماء، أي: ما زال يخرج للناس الماء حتى نصب الناس خيامهم، وأقاموا إبلهم حول الماء، وتأويل هذا: ما حصل من طول خلافته رضي الله عنه، وكثرة انتفاع الناس بها؛ لطولها ولاتساع الإسلام وبلاده، وما كان فيها من فتح وخير، وكثرة الأموال وغيرها من الغنائم، مع بناء الأمصار وإنشاء الدواوين
وقد عبر بالبئر عن أمر المسلمين؛ لما فيها من الماء الذي به حياتهم وصلاحهم، وشبه أميرهم بالمستقي لهم، وسقيه هو قيامه بمصالحهم وتدبير أمورهم
وفي الحديث: إعلام بخلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وصحة ولايتهما، وكثرة الانتفاع بهما
وفيه: بيان فضيلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما