باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله عليه عينه وقال: ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكل ما غطت به يده، بكل شعرة سنة قال: أي رب ثم ماذا قال: ثم الموت قال: فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق، عند الكثيب الأحمر
كتب الله تعالى الموت على جميع الخلائق؛ فهو وحده الحي الذي لا يموت، وما يعمر مخلوق إلا ومصيره إلى الموت والفناء، حتى ملك الموت نفسه يذيقه الله تعالى الموت كما قبض به روح عباده
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ملك الموت جاء إلى موسى عليه السلام في صورة رجل، فلما جاءه وأخبره أنه جاء يقبض روحه، لم يعلم موسى أنه ملك الموت، فصكه، يعني: ضربه على وجهه، ففقئت عينه، وفقأ العين وقع للملك وهو على صورته البشرية وليست الملائكية، وإنما ضربه موسى على وجهه لدخوله عليه في غير إذن أو معرفة، كما في قصة إبراهيم عليه السلام وغيره من الرسل، قال الله تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ (69) فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط} [هود: 69، 70]
فرجع ملك الموت إلى الله تعالى، وقال له: «أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت»، ولعل ملك الموت قال ذلك ظنا منه أن موسى عليه السلام لطمه لأنه لا يحب أن يموت، فقال المولى تبارك وتعالى لملك الموت: «ارجع، فقل له: يضع يده على ظهر ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة»؛ فكل شعرة مما لمست يده من شعر الثور يعيش بها سنة، فلما رجع ملك الموت إلى موسى عليه السلام وأخبره وعلم أنه ملك الموت، قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن! فما دام أن كل حياة يعقبها موت وفناء، فاقبض روحي في هذا الأجل، ثم سأل ربه أن يقربه من بيت المقدس مسافة رمي حجر، بحيث لو رمى رام حجرا من ذلك الموضع الذي هو موضع قبره لوصل إلى بيت المقدس، فاستجاب له ربه، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم أنه لو كان هناك لحدد لهم موضع قبره عليه السلام عند الرمل الأحمر المجتمع. وملك الموت لم يبعثه الله إلى موسى عليه السلام وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختبارا وابتلاء، كما أمر الله خليله إبراهيم بذبح ابنه، ولم يرد تعالى إمضاء الفعل ولا قتل ابنه، ففداه بذبح عظيم، ولو أراد الله قبض روح موسى عليه السلام حين ألهم ملك الموت لكان ما أراد