باب من قال يكبرون جميعا وإن كانوا مستدبرى القبلة
حدثنا محمد بن عمرو الرازى حدثنا سلمة حدثنى محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود عن عروة بن الزبير عن أبى هريرة قال خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى نجد حتى إذا كنا بذات الرقاع من نخل لقى جمعا من غطفان فذكر معناه ولفظه على غير لفظ حيوة وقال فيه حين ركع بمن معه وسجد قال فلما قاموا مشوا القهقرى إلى مصاف أصحابهم ولم يذكر استدبار القبلة.
الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في الصلاة، ولها من القداسة ما يجعلها محل التقدير والاحترام في قلب كل مسلم، ومن باب التوقير لها تخصيص جهتها للصلاة والدعاء والذكر، وعدم استقبالها بما يستقبح من الأفعال
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم: "إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم"، وفي رواية: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم"، أي: أعلمكم كما يعلم الرجل أولاده أمور الحياة، والمراد هنا من التعليم: الجمع بين ما يفيدهم في الدين والدنيا، "إذا ذهب أحدكم إلى الخلاء"، أي: ليقضي حاجته من بول أو غائط، والخلاء: الفضاء والأماكن الواسعة التي لا يوجد بها أحد، والمراد بها هنا: أماكن قضاء الحاجة، "فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها"، ببول أو غائط "ولا يستنج بيمينه"، أي: ولا يباشر رفع النجاسة والتطهير بيده اليمنى، بل يجعل الاستنجاء بيده اليسرى.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: "وكان يأمر"، أي: النبي صلى الله عليه وسلم، "بثلاثة أحجار"، أي: ويكون الاستنجاء بثلاثة أحجار، "ونهى عن الروث"، وهو فضلات الدواب، "والرمة"، أي: العظم البالي، والمراد: مطلق العظم؛ فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بهما؛ لما ثبت في بعض الأحاديث أنهما طعام الجن
وفي الحديث: إشارة إلى حث الآباء على تعليم الأبناء ما يحتاجون إليه من أمور الدين
وفيه: بر النبي صلى الله عليه وسلم باتباع أوامره؛ وذلك لما في قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب: 6]
وفيه: الحث على تعظيم القبلة، والنهي عن استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط
وفيه: الحث على احترام اليد اليمنى، والنهي عن الاستنجاء بها