باب من قتل من المسلمين يوم أحد 1

بطاقات دعوية

باب من قتل من المسلمين يوم أحد 1

 عن قتادة قال: ما نعلم حيا من أحياء العرب أكثر شهيدا أعز يوم القيامة من الأنصار، قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك أنه قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون، قال: وكان بئر معونة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر؛ يوم مسيلمة الكذاب.

عَرَف النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للأنْصارِ فَضْلَهم؛ لِمَا قاموا به مِن واجِبِ النُّصْرةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأوْصى بهم، ودَعا لهم ولأبْنائِهم، وقدْ كانوا رَضيَ اللهُ عنهم لا يَتأخَّرونَ عنِ الغَزْوِ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومع خُلَفائِه مِن بعدِه.
وفي هذا الحَديثِ يَذكُرُ التَّابِعيُّ قَتادةُ بنُ دِعامةَ فَضْلَ الأنْصارِ ومَكانَتَهم؛ فيُخبِرُ أنَّهم لا يَعلَمونَ قَبيلةً وقَومًا مِن قَبائلِ العرَبِ أكثَرَ شَهيدًا، وأعَزَّ يَومَ القِيامةِ مِنَ الأنْصارِ، ويُخبِرُ قَتادةُ عن أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه قُتِلَ منَ الأنْصارِ يومَ غَزْوةِ أُحُدٍ سَبْعونَ شَهيدًا، وقدْ وقَعَت في شوَّالٍ في السَّنةِ الثَّالِثةِ منَ الهِجْرةِ، وقد قاتَلَ فيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومَن ثبَت معه مِنَ الصَّحابةِ بقُوَّةٍ وشَجاعةٍ رَغمَ تَخَلخُلِ الصُّفوفِ بعدَ مُخالَفةِ أمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقُتِلَ مَن قُتِلَ منَ الصَّحابةِ الكِرامِ رَضيَ اللهُ عنهم.
كما قُتِلَ منهم يومَ بِئرِ مَعونةَ سَبْعونَ شَهيدًا أيضًا، وكانت في العامِ الرَّابِعِ الهِجْريِّ؛ وذلك عندما غدَر المُشرِكونَ بسَبْعينَ مِن أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبِئرُ مَعونةَ هو ماءٌ لبَني سُلَيمٍ، بِئرٌ تاريخيَّةٌ غيرُ مَعروفٍ مكانُها بالتَّحديدِ، تقَعُ غرْبَ المهدِ(معْدنُ بَني سُلَيمٍقَديمًا) إلى الشَّمالِ، وتتَّصِلُ غَرْبًا بحَرَّةِ الحجازِ العظيمةِ. وقدْ وضَّحَت رِوايةٌ أُخْرى مُتَّفقٌ عليها: «أنَّ رِعْلًا، وذَكْوانَ، وعُصَيَّةَ، وبَني لَحْيانَ؛ اسْتَمَدُّوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عَدوٍّ، فأمَدَّهم بسَبْعينَ منَ الأنْصارِ، كنَّا نُسمِّيهمُ القُرَّاءَ في زَمانِهم، كانوا يَحتَطِبونَ بالنَّهارِ، ويُصلُّونَ باللَّيلِ، حتَّى إذا كانوا ببِئرِ مَعونةَ قَتَلوهم، وغَدَروا بهم، فبلَغَ ذلك النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقَنَت شَهرًا يَدْعو في الصُّبحِ على أحْياءٍ من أحْياءِ العرَبِ: على رِعْلٍ، وذَكْوانَ، وعُصَيَّةَ، وبَني لَحْيانَ، قال أنَسٌ: فقَرَأْنا فيهم قُرْآنًا، ثمَّ إنَّ ذلك رُفِعَ -أي: نُسِخَ-: «بَلِّغوا عنَّا قَومَنا أنَّا لَقينَا رَبَّنا فرَضيَ عَنَّا وأرْضانا».
وكذلك قُتِلَ منَ الأنْصارِ يومَ اليَمامةِ -في حَربِ مُسَيْلِمةَ الكذَّابِ مُدَّعي النُّبوَّةِ- سَبْعونَ شَهيدًا أيضًا، وكانت حَربُ اليَمامةِ في العامِ الحاديَ عشَرَ منَ الهِجْرةِ في عَهدِ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضيَ اللهُ عنه، واليَمامةُ مَدينةٌ تقَعُ اليومَ بالقُربِ منَ الطَّائفِ، وقَديمًا كانتِ اسْمًا لإقْليمٍ منَ الجَزيرةِ العَربيَّةِ إلى الجَنوبِ مِن نَجدٍ، إلَّا أنَّ اسمَ نَجدٍ طَغى على اسمِ اليَمامةِ، وأصبَحَتِ اليَمامةُ مَحْصورةً في بَلدةٍ صَغيرةٍ تُعرَفُ حتَّى اليومَ باسمِ اليَمامةِ، وتقَعُ في مِنطَقةِ الخَرْجِ في نَجدٍ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ مَكانةِ الأنْصارِ، وبَعضِ مَناقِبِهم.