باب من نذر أن يصوم أياما فوافق النحر أو الفطر
بطاقات دعوية
عن حكيم بن أبي حرة الأسلمي أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما سئل عن رجل نذر أن لا يأتي عليه يوم إلا صام، فوافق يوم أضحى أو فطر، فقال:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، لم يكن يصوم يوم الأضحى والفطر، ولا يرى صيامهما.
(وفي رواية عن زياد بن جبير قال:
كنت مع ابن عمر، فسأله رجل، فقال: نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء ما عشت، فوافقت هذا اليوم يوم النحر، فقال: أمر الله بوفاء النذر، ونهينا (وفي رواية: ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - 2/ 249) أن نصوم يوم النحر، فأعاد عليه، فقال مثله لا يزيد عليه).
النَّذْرُ هو إيجابُ المرْءِ فِعلَ أمْرٍ على نَفْسِه لم يُلزِمْه به الشَّارعُ، كأنْ يقولَ الإنسانُ: علَيَّ ذَبيحةٌ، أو أتصدَّقُ بكذا إنْ شفَى اللهُ مَريضي؛ فهو في صُورةِ الشَّرطِ على اللهِ عزَّ وجلَّ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التابعيُّ حَكِيمُ بْنُ أَبِي حُرَّةَ الأَسْلَمِيُّ أنَّ عبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما سُئِل عن رجُلٍ نَذَر أنْ لا يَأتِيَ عليه يومٌ إلَّا صامَه، وفي روايةٍ للبُخاريِّ: «نذرتُ أن أصومَ كُلَّ يومِ ثُلَاثاءَ أو أربِعاءَ ما عِشْتُ»، فصادف يومٌ من تلك الأيامِ يوْمَ عيدِ الأَضْحى أو عِيدِ الفِطر، فقال ابنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنهُما: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، وأخْبَر أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يكُنْ يَصومُهما، «ولا يَرَى» -إمَّا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو ابنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما- جَوازَ صِيامِهما.
وقدْ نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صَومِ يومِ الفِطر والنَّحْرِ، كما في الصَّحيحينِ من حديثِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، والعُلماءُ مُجمِعون على أنَّه يَحرُم صَومُ يومَيِ العيدِين؛ فمَن نذَرَ صَوْمَهما فقدْ نذَرَ مَعصيةً، ويَدخُلُ تحْتَ قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي أخرجه البُخاريُّ: «ومَن نذَرَ أنْ يَعصِيَه فلا يَعْصِه»؛ فيُنهَى عن الوفاءِ بهذا النَّذرِ؛ لأنَّ المعصيةَ تَحرُمُ بكلِّ حالٍ.
وفي الحَديثِ: أنَّ النَّذْرَ لا يَقَعُ فيما يخالِفُ الأوامِرَ والنَّواهِيَ الشَّرعيَّةَ.