باب من وقف 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع
عن ابن عمر، قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، إن المائة سهم التي بخيبر، لم أصب مالا قط هو أحب إلي منها، وقد أردت أن أتصدق بها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "احبس أصلها، وسبل ثمرتها" (3).
كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يَجتهدون في السَّعيِ إلى تَحصيلِ الأجرِ والفَضلِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ، سائلينَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن أنواعِ الخيرِ وأفضلِ ما يَبذُلُونَه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عَنهما: "جاء عُمَرُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي أصَبْتُ مالًا لم أُصِبْ مِثْلَه قطُّ"، أي: تَجمَّعَ لي مالٌ لم يَسبِقْ أن حصَلْتُ على مِثلِ هذا القَدْرِ مِنه مِن قبلُ، ثم أوْضَحَ عمرُ عيْنَ هذا المالِ، فقال: "كان لي مِئةُ رأسٍ"، ربَّما المرادُ بالرَّأسِ الإبلُ أو الغَنَمُ أو غيرُ ذلكَ مِن أنواعِ الأنعامِ، "فاشترَيْتُ بها مئةَ سَهْمٍ مِن خَيْبَرَ مِن أهلِها"، أي: باعَها بأرضٍ في خَيْبَرَ، "وإنِّي قد أرَدْتُ أن أتقرَّبَ بها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ"، أي: أراد أن يُنفِقَها في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ طالبًا للأجرِ والثَّوابِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فاحبِسْ أصلَها"، أي: أصلَ الأرضِ والزَّرعِ، والمرادُ بحَبْسِه: ألَّا يُورَثَ، ولا يُباعَ، ولا يُوهَبَ، ولكن يترُكُها وَقْفًا، "وسَبِّلِ الثَّمرةَ"، أي: واجعَلْ ما تُخرِجُه الأرضُ مِن ثَمَرٍ يُتصدَّقُ به في سُبُلِ الخيرِ وأنواعِه، ومثل هذا ما يعرف بالوَقفِ الخَيريِّ.
وفي الحديثِ: الحثُّ والتَّرغيبُ في الإنفاقِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ .