‌‌باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه39

سنن الترمذى

‌‌باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه39

حدثنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا، فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب، قال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه، فقال له علي: يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي»، وسمعته يقول يوم خيبر: «لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله». قال: فتطاولنا لها، فقال: «ادعوا لي عليا، فأتاه وبه رمد، فبصق في عينه»، فدفع الراية إليه، ففتح الله عليه، وأنزلت هذه الآية {فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} [آل عمران: 61] الآية، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: «اللهم هؤلاء أهلي»: «هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه»

علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه الخَليفةُ الرَّابعُ للمُسلِمينَ، وأحَدُ العَشَرةِ المُبشَّرينَ بالجَنَّةِ، وابنُ عمِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وزَوجُ ابنَتِه فاطمةَ، وأبو الحَسَنِ والحُسَينِ سِبطَيْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الحَديثِ ذِكرُ فَضيلةٍ مِن فَضائلِه رَضيَ اللهُ عنه، حيث قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَا تَرْضى أنْ تَكونَ منِّي بمَنزِلةِ هارونَ مِن مُوسى؟» أي: نازلًا منِّي مَنزلةَ هارونَ مِن موسى؛ وذلك أنَّ مُوسى عليه السَّلامُ قال لأخيهِ حينَ أرادَ الخُروجَ إلى الطُّورِ: اخلُفْني في قَوْمي، كما قال تعالَى: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142]، أي: بَني إسْرائيلَ، وسَببُ قَولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القولَ لعَلِيٍّ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ خَرَج إلى تَبوكَ في السَّنةِ التَّاسِعةِ منَ الهِجرةِ لم يَستَصحِبْه؛ لأنَّه كان مَريضًا، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «فقال  علِيٌّ: تُخلِّفُني في النِّساءِ والصِّبيانِ؟» كأنَّه استَنقَصَ تَرْكَه وَراءَه، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القولَ.
وزادَ في رِوايةِ مُسلمٍ أيضًا: «غيرَ أنَّه لا نَبيَّ بَعْدي»، لَمَّا شبَّهَه في تَخْليفِه إيَّاه بهارونَ حينَ خلَّفه مُوسى، خاف أنْ يَتأوَّلَ مُتأوِّلٌ فيَدَّعيَ النُّبوَّةَ لعلِيٍّ، كما خَلَف هارونُ نُبوَّةَ مُوسى عليهما السَّلامُ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خاتَمُ النَّبيِّينَ.