باب: نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

بطاقات دعوية

باب: نزول عيسى بن مريم حاكما بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

 حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد

لقد دل النبي صلى الله عليه وسلم أمته على كل خير، وحذرهم من كل شر، ومن ذلك إخباره بعلامات الساعة التي تكون في آخر الزمان؛ لأن الإيمان بتحقق صدقها من الإيمان بالغيب، ومن تصديق الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليقوى إيمان من يشاهدها ويثبت، ويحسن التعامل معها
وفي هذا الحديث يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعلامة من هذه العلامات الكبرى التي تدل على قرب قيام الساعة؛ وهي: نزول عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان في هذه الأمة، فيقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي روحه بيده يصرفها كيف يشاء -وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقسم بهذا القسم- على أنه قد اقترب نزول عيسى عليه السلام، ونزوله عليه السلام سيكون عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، كما في رواية مسلم في صحيحه
فيحكم عليه السلام بين الناس بالعدل، وسيحكم بأحكام الشريعة المحمدية لا نبيا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عيسى صلى الله عليه وسلم سيكسر الصليب الذي تعظمه النصارى، ويزعمون أن نبي الله عيسى عليه السلام قد صلب عليه، وقد كذب الله عز وجل اليهود في ادعائهم هذا، فقال تعالى: {وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما} [النساء: 157، 158]، وكسره عليه السلام الصليب إشارة إلى بطلان دين النصارى
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عيسى عليه السلام يقتل الخنزير، أي: يأمر بإعدامه؛ مبالغة في تحريم أكله، ويضع الجزية، يعني: يحمل الناس كلهم على الدخول في الإسلام، فلا يبقى أحد يدفع الجزية، أو أنه لا يأخذ جزية؛ لوفرة المال وانعدام الفقراء. وسيفيض المال فلا يقبله أحد؛ وذلك لكثرته واستغناء كل أحد بما في يديه بسبب نزول البركات وتوالي الخيرات؛ بسبب العدل وعدم الظلم، وتخرج الأرض كنوزها، وتقل الرغبات في اقتناء المال؛ لعلمهم بقرب الساعة، «حتى تكون السجدة خيرا من الدنيا وما فيها»؛ لأنهم حينئذ لا يتقربون إلى الله إلا بالعبادات لا بالتصدق بالمال.
ثم قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا إن شئتم: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا} [النساء: 159]، فاستدل بالآية على نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان مصداقا للحديث، والمعنى: لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، عند اقتراب الساعة، وظهور علاماتها الكبار؛ إلا آمن به قبل موته عليه السلام، فتكون الملة واحدة، وهي ملة الإسلام
وفي الحديث: بشارة ببقاء الإسلام، وسيادته في الأرض
وفيه: أن الدين عند الله الإسلام، وهو دين الأنبياء جميعا
وفيه: تغيير المنكر باليد للمستطيع، دون أن يجر ذلك مفسدة أعظم