باب نقض الكعبة وبنائها

بطاقات دعوية

باب نقض الكعبة وبنائها

حديث عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: ألم ترى أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم قال: لولا حدثان قومك بالكفر لفعلتفقال عبد الله رضي الله عنه (هو ابن عمر) : لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم

الكعبة المشرفة هي بيت الله في الأرض، وقبلة المسلمين في صلاتهم، وقد عظم الله تعالى قدرها بين الناس، حيث جعلها مهوى القلوب ومقصدا للحج
وفي هذا الحديث تحكي عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ألم تعرفي أن قريشا لما بنوا الكعبة لم يبنوها على كل قواعد إبراهيم عليه السلام، بل نقصوا منها الحجر؟ وذلك لقلة النفقة الطيبة التي جمعوها، حيث إنهم شرطوا أن المال الذي سيبنى منه الكعبة يكون من أطيب المال، ولا يكون فيه شيء حرام فقالت عائشة رضي الله عنها: «ألا تردها على قواعد إبراهيم؟»؛ تريد أن ينقض البنيان الذي بنيت عليه القواعد ويبنيها بنيانا يستوعب القواعد، فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنه لولا قرب عهد قريش بالكفر لردها على قواعد إبراهيم، وبناها من جديد على كل قواعده
وكانت صفة بناء إبراهيم عليه السلام للبيت مدورا عند الركنين الشامي والعراقي؛ فهو على تلك الهيئة بحجر إسماعيل، وكان له ركنان، وهما اليمانيان، فلما بنته قريش في الجاهلية جعلوا له أربعة أركان، وجعلوا الحجر من ورائه، إرادة منهم لاستكمال الطواف بالبيت، وهو على شكل نصف دائرة يلاصق الركنين الشامي والعراقي، فالحجر جزء من الكعبة
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنه لو كانت عائشة سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم -وهذا ليس شكا في قولها ولا تضعيفا لحديثها؛ فإنها الحافظة المتقنة، لكنه جرى على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد للتقرير- فما أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر ومسحهما باليد والتبرك بهما -ويطلق عليهما الركن الشامي والركن العراقي- عكس ما يستلم به الركنين الآخرين: الحجر الأسود، والركن اليماني؛ إلا لأنهما ليسا على الهيئة الصحيحة للبيت
وفي الحديث: دليل على ارتكاب أيسر الضررين دفعا لأكبرهما؛ لأن ترك بناء الكعبة على ما هو عليه أيسر من افتتان طائفة من المسلمين ورجوعهم عن دينهم
وفيه: أن النفوس تساس بما تساس إليه في الدين -من غير الفرائض- بأن يترك ويرفع عن الناس ما ينكرون منها
وفيه: تحديد ما يستلم وما يقبل من الكعبة، وهما ركن الحجر الأسود والركن اليماني دون غيرهما