باب هدية ما يكره لبسها
بطاقات دعوية
عن علي رضي الله عنه قال: أهدى إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سيراء (13) ،فلبستها، [فخرجت فيها 7/ 46]، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي (14)
أمْرُ الزِّينةِ واللِّباسِ في الإسلامِ واضحٌ في كِتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ وسُنَّةِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقدْ قرَّرَ الشَّرعُ أُمورًا عامَّةً، يَجِبُ أنْ تُراعَى في هَيئةِ الثِّيابِ للرِّجالِ والنِّساءِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أَهْدى إليه حُلَّةَ سِيَراءَ، والحُلَّةُ عِبارةٌ عَن ثَوبينِ مِن جِنسٍ واحدٍ، والسِّيَرَاءُ: هي ذاتُ الخُطوطِ المختلِطةِ بِالحريرِ، وقدْ نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عَنْ لُبْسِ الرَّجلِ لِلحريرِ، فلمَّا رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علِيًّا قدْ لَبِسَها، غَضِبَ وظهَرَ الغضبُ في وجْهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنزَعَها علِيُّ بنُ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ لِمَا رَأى مِن غَضبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وشقَّقَها -أي: قطَّعَها- بيْن نِسائِه، والمرادُ: نِساءُ قَومِه؛ لأنَّه لم يَتزوَّجْ في حَياةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم غيرَ فاطمةَ رَضيَ اللهُ عنها. ويُوضِّحُه رِوايةُ مُسلمٍ في صَحيحِه قال: «شَقِّقْه خُمُرًا بيْن الفواطمِ»، وقولُه: «خُمرًا» جمْعُ خِمارٍ، وهو ما تُغطِّي به المرأةُ رَأْسَها، والمرادُ بالفواطمِ، قيل: همْ ثَلاثٌ: فاطمةُ بنتُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وفاطمةُ بنتُ أسَدٍ، وهي أمُّ علِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضيَ اللهُ عنْه، وفاطمةُ بنتُ حَمزةَ بنِ عبدِ المطَّلبِ.
وفي الحديثِ: هَديَّةُ ما يَجوزُ تَملُّكُه ولو كان يُكْرَهُ لُبْسُه أو يَحرُمُ؛ لأنَّ لصاحبِه التَّصرُّفَ فيه بالبيعِ والهِبةِ لِمَن يَجوزُ له لُبْسُه مِثلَ النِّساءِ والصِّبيان.