باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أمروا به

بطاقات دعوية

باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال وبيان ما أمروا به

حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم

المفردات:

 ((واجب))؛ أي: فرض

 ((محتلم))؛ أي: بالغ مُدرِك، وإن لم يحصل منه احتلامٌ بالفعل

البحث:

هذا الحديث له طرق كثيرة، وقد رواه الجماعة أيضًا عن عبدالله بن عمر بلفظ: ((إذا جاء أحدكم إلى الجمعة، فليغتسل))، وعدَّ ابن منده مَن رواه عن نافع، فبلَغوا فوق ثلاثمائة نفس، وعدَّ مَن رواه مِن الصحابة غير ابن عمر، فبلَغوا أربعة وعشرين صحابيًّا

قال الحافظ: وقد جمعتُ طرقَه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفسًا

وفي رواية لمسلم: ((إذا أراد أحدُكم أن يأتي الجمعة، فليغتَسِل))

وروى الشيخانِ أيضًا عن أبي هريرة أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حقٌّ على كل مسلم أن يغتَسِل في كل سبعةِ أيامٍ يومًا، يغسل فيه رأسه وجسده))، وقد بيَّن في الروايات الأُخر أن هذا اليوم هو يوم الجمعة

وروى الشيخان أيضًا عن ابن عمر أن عمر (بينا هو قائم في الخطبة يوم الجمعة؛ إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين، فناداه عمر: أي ساعة هذه؟ فقال: إنِّي شُغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين، فلم أزِد على أن توضَّأت! فقال: والوضوء أيضًا؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل؟!)، والرجل هو عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة قاطعةٌ بوجوب الغسل يوم الجمعة على كل بالغ يذهب لصلاة الجمعة، ولا يعارضها ما روي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن توضَّأ للجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغتسل فذلك أفضل))، فإن هذا الحديث معلول

قال البزار وغيره: إن الحسنَ لم يسمع مِن سمرة إلا حديث العقيقة، وقيل: لم يسمع منه شيئًا، وإنما يُحدِّث مِن كتابه، فلا يَقْوَى حديثُ سمرة هذا على معارضةِ المتَّفَق عليه المجمَع على صحته، وأما ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة: ((مَن توضَّأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت؛ غُفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام)) - فقد قال الحافظ في الفتح: ليس فيه نفيُ الغسل

وأما ما روِي في بعض طرق حديث أبي سعيد: ((غسل الجمعة واجبٌ على كل محتلم، والسواك، وأن يمسَّ مِن الطِّيب ما يقدر عليه))؛ متفق عليه - فإن عطف ما ليس بواجب وهو السواك والطيب على الغسلِ، لا يدل على نفي وجوب الغسل؛ إذ إن دلالة الاقتران ضعيفةٌ، ولا سيما بجنب مثل هذه الأحاديث.

وقد قال ابن الجوزي: إنه لا يمتنع عطف ما ليس بواجب على الواجب، لا سيما ولم يقع التصريحُ بحكم المعطوف

وقال ابن المنير: لم ينفع دفعُ الوجوب بعطف ما ليس بواجب عليه؛ لأن للقائل أن يقول: خرج بدليل، فبقي ما عداه على الأصل 

هذا وقد حكى الخطابي وغيره الإجماعَ على أن الغسل ليس شرطًا في صحة الصلاة، وأنها تصح بدونه؛ انتهى.

ولهذا صلى عثمان الجمعة، وإنما في تركه الإثم مع عدم العذر 

ما يفيده الحديث:

1- أن غسل الجمعة واجبٌ دون شرط على كل بالغ مدرك يذهب للصلاة

2- وأن مَن تركه لغير عُذر آثمٌ تَصِحُّ صلاته