باب وقت السحور

باب وقت السحور

حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير ح وحدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا ابن إدريس - المعنى - عن حصين عن الشعبى عن عدى بن حاتم قال لما نزلت هذه الآية (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ). قال أخذت عقالا أبيض وعقالا أسود فوضعتهما تحت وسادتى فنظرت فلم أتبين فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحك فقال « إن وسادك لعريض طويل إنما هو الليل والنهار ». قال عثمان « إنما هو سواد الليل وبياض النهار ».

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلة العلم والمعرفة لأصحابه رضي الله عنهم؛ فكانوا كلما استشكل عليهم حكم من الأحكام، أو فهم آية من آيات كتاب الله عز وجل، لجؤوا إليه صلى الله عليه وسلم، فعلمهم وأرشدهم
وفي هذا الحديث يحكي عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغه نزول قول الله عز وجل: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} [البقرة: 187]، فأباحت لهم الآية الأكل والشرب طوال الليل وحتى طلوع الفجر، وكانوا قبلها يأكلون ويشربون من المغرب إلى أن ينام الواحد منهم، فإذا نام وجب عليه الإمساك إلى اليوم التالي، كما في صحيح البخاري، ففهم عدي بن حاتم رضي الله عنه منها أن المراد بالخيط الأبيض والأسود معناهما الحقيقي، وأن المقصود بهما حبلان: أحدهما أبيض، والثاني أسود، وأن المسلم لا يزال مفطرا يأكل ويشرب حتى يتجلى النهار، ويظهر له الحبل الأبيض من الحبل الأسود، فأحضر حبلين، ووضعهما تحت وسادته؛ وإنما جعلهما تحت وسادته لاعتنائه بهما، ولينظر إليهما وهو على فراشه من غير كلفة قيام ولا طلب، فكان يرفع الوسادة إذا أراد أن ينظر إليهما؛ ليعرف منهما أول وقت الصيام، فلما طلع الفجر نظر في الحبلين، فلم يميز الأبيض من الأسود، وهو معنى قوله: «فلا يستبين لي»؛ لأن ضوء النهار ما زال خافتا ولم يرتفع بعد
فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فأعلمه صلى الله عليه وسلم أنه ليس المقصود بالخيط الأبيض والخيط الأسود حقيقتهما ومعناهما الظاهري، وإنما المقصود بالخيط الأسود سواد الليل، وبالخيط الأبيض بياض النهار ونوره وضياؤه، إشارة إلى وقت طلوع الفجر، وأن دخول الفجر هو الحد الفاصل بين انتهاء الليل وبداية النهار؛ ليمسك كل من أراد الصيام عن الأكل والشرب مع تلك العلامة البارزة الواضحة