باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}؛ السلم والسلم والسلام واحد

بطاقات دعوية

باب {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}؛ السلم والسلم والسلام واحد

عن ابن عباس - رضى الله عنهما: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا}؛ قال: كان رجل فى غنيمة له، فلحقه المسلمون , فقال: السلام عليكم. فقتلوه، وأخذوا غنيمته، فأنزل الله فى ذلك إلى قوله: {عرض الحياة الدنيا}: تلك الغنيمة. قال: قرأ ابن عباس: السلام (46).

حُرمةُ الدَّمِ عِندَ اللهِ تعالَى عَظيمةٌ، لا سيَّما دَمِ النَّفْسِ المسلِمةِ المُوحِّدةِ التي قالتْ: (لا إلهَ إلَّا اللهُ).
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما سَببَ نُزولِ قولِه تعالَى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} [النساء: 94]؛ فيُخبِرُ أنَّ رَجُلًا -هو عامِرُ بنُ الأضبَطِ- كان في غُنَيمةٍ له، تصغيرُ غَنَمٍ، والمعنى: يَسوقُ قَطيعًا صغيرًا من الغَنَمِ، فلَحِقَه المسلمونَ وكانوا قد خرجوا في سَريَّةٍ، وفيهم أبو قَتادةَ الأنصاريُّ رَضِيَ اللهُ عنه، فمرَّ بهم عامِرُ بنُ الأضبَطِ بغَنَمِه، فقال: «السَّلامُ عليكم»، فقتَلُوه -قيل: قتله محلَمُ بنُ جثامةَ رَضِيَ اللهُ عنه- وأخذُوا غُنيمتَه، فأنْزَلَ اللهُ تعالَى قولَه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94].
وروى الطَّبريُّ في التفسيرِ أنَّها نزلت في أسامةَ بنِ زَيدٍ رَضِيَ اللهُ عنه لَمَّا بعثه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على سَرِيَّةٍ فلَقِيَ مِرداسَ بنَ نهيكٍ الضَّمريَّ فقَتله، وكان من أهلِ فَدَك ولم يُسلِمْ من قَومِه غَيرُه، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «هلَّا شقَقْتَ عن قَلْبِه؟!» فنزلت الآيةُ، وأصلُ الحديثِ في الصَّحيحينِ دونَ ذِكرِ الآيةِ.
ومعنى الآية: ولا تقولوا لِمَن نطق بالشَّهادتينِ، أو حيَّاكم بتحيَّةِ الإسلامِ -وذلك لأنَّ السَّلامَ تحيَّةُ المسلمينَ، وكانتْ تحيَّتُهم في الجاهليَّةِ بخلافِ ذلك، فكانتْ هذه علامةَ الإسلامِ مِنَ الرَّجلِ-: لستَ مؤمنًا، وإنما نطَقْتَ بالإسلامِ تَقيَّةً. والمقصودُ بعرَضِ الحياةِ الدُّنيا في الآيةِ: الغُنَيْمةُ الَّتي كانتْ مع الرَّجلِ.
قال عطاءُ بنُ أبي رباحٍ: وقرأها ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما {السَّلَامَ} بألف بعد اللامِ؛ وفيها قراءتانِ متواترتانِ: {السَّلَامَ}، (السَّلَمَ) وهي بمعنى: الاستِسلامِ والانقيادِ، فالمعنى على هذه القِراءةِ: لا تقولوا لِمنِ استسلَمَ إليكم وانقاد: لستَ مُسلمًا.
وفي الحَديثِ: إجراءُ الأحكامِ على الظَّاهرِ، وأنَّ مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ مُحمَّدٌ رسولُ اللهِ، أو: أنا مسلمٌ؛ يُحكَمُ له بالإسلامِ. ومَن أظْهَرَ شيئًا مِن عَلاماتِ الإسلام لم يَحِلَّ دَمُه، حتى يُختبَرَ أمْرُ إسلامِه.