باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين 1

مختصر صحيح البخاري

باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين 1

 عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرا، فكانت سهامهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا، [فرجعنا بثلاثة عشر بعيرا 5/ 107].

تُقَسَّمُ الغَنيمةُ بيْن الجُنودِ الَّذين شارَكوا في الغَزوِ، ويَتولَّى قِسمَتَها الأميرُ أو مَن كلَّفَه وَليُّ الأمرِ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً ناحيةَ نَجْدٍ -والسرية هي قطعة من الجيش لا تزيد على أربع مائة ومنطقة نجد تقع في وسط شبه الجزيرة وكان عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما مُشارِكًا في هذه الغَزوةِ، وغَنِموا إبلًا وجِمالًا كَثيرةً، فكان نَصيبُ كُلِّ واحدٍ منهم: اثَني عَشَر بَعيرًا -أو أَحَدَ عشَرَ بَعيرًا-، وكان أميرُ السَّريَّةِ قدْ أعْطى كُلَّ واحدٍ منهم ونفَّلَه بَعيرًا مِن الغَنيمةِ قبْلَ قِسْمتِها، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «ونَفَّلَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعيرًا بَعيرًا»، والأنفالُ: هي العَطايا مِن الغَنيمةِ غيرِ السَّهمِ المُستحَقِّ بالقِسمةِ، فكأنَّه أعْطى كلَّ واحدٍ زِيادةً على نَصيبِه؛ لأنَّهم أحْسَنوا في غَزْوِهم، فالتَّنفيلُ إنَّما يكونُ لمَن صَنَعَ صُنْعًا جَميلًا في الحرْبِ.
والجمْعُ بيْن كَونِ أميرِ السَّريَّةِ هو الذي نفَّلَهم، وبيَّن أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو الَّذي نفَّلَهم: أنَّ أميرَ السَّريَّةِ نَفَّلَهم، فأجازَهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيَجوزُ نِسبتُه إلى كلِّ واحدٍ منهما.
وفي الحديثِ: أنَّ ما غَنِمَتْه السَّريَّةُ تَشترِكُ فيه هي والجيشُ إنِ انفَرَدَت عن الجيشِ في بَعضِ الطَّريقِ، وأمَّا إذا خَرَجَت مِن البلدِ وأقام الجيشُ في البلَدِ، فتَختَصُّ هي بالغَنيمةِ ولا يُشارِكُها الجيشُ.
وفيه: إثباتُ مَشروعيَّةِ التَّنفيلِ؛ للتَّرغيبِ في تَحصيلِ مَصالحِ القِتالِ.