بيع المنابذة 1
سنن النسائي
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، والحارث بن مسكين، قراءة عليه، وأنا أسمع، عن ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبي سعيد الخدري قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة والمنابذة في البيع»
لقدْ جمَعَ دِينُ الإسلامِ في أحكامِه بيْن العِباداتِ والمُعامَلاتِ، فكما جاءتِ التَّشريعاتُ بأحكامِ الصَّومِ والصَّلاةِ وما إلى ذلك، جاءتْ كذلك بما يَحفَظُ على النَّاسِ أمْوالَهم؛ فالواجبُ على المسلِمِ فِعلُ ما أُمِرَ بفِعلِه، والانتهاءُ عمَّا نُهِيَ عن فِعلِه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنْه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَنْهى عن صِيام يَومينِ؛ وهما: يومُ عيدِ الفِطْرِ؛ لأنَّه يَومُ الفِطرِ مِن الصِّيامِ، واليومُ الثَّاني هو يَومُ عيدِ النَّحْرِ، وهو العاشرُ مِن ذي الحِجَّةِ؛ لأنَّه يومُ الأكْلِ مِن النُّسُكِ والأُضْحيَّة؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ أكَرَمَ عِبادَه في هذَين اليومَين بضِيافتِه، فمَن صامَهُما فكأنَّه ردَّ هذه الكَرامةَ
وكذلك نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن بَيْعتَينِ؛
الأُولى: المُلامَسةُ: مِن اللَّمْسِ، وهي أنْ يَبِيعَ البائعُ شيئًا إلى المُشترِي على أنَّه مَتَى لَمَسَه فقد تَمَّ البَيعُ
والثانيةُ: المُنابَذةُ: مِن النَّبْذِ، وهو الإلْقاءُ، وهي أنْ يَجعَلَ إلْقاءَ السِّلعةِ إيجابًا للبَيعِ؛ فمَتَى أَلْقَى إليه ثَوبًا أو غيرَه، الْتَزَمَ المُشترِي بشِرائِه، وكِلاهما مِن العُقُودِ التي كان يَعمَلُ بها أهلُ الجاهليَّةِ، فجاء الإسلامُ مُحرِّمًا لها؛ لِما فيها مِن الغِشِّ والخِداعِ اللَّذَين يَضُرُّا بالمُتعاقِدَين أو أحَدِهما
وفي الحديثِ: حِرصُ الشَّارعِ على إبعادِ ما يكونُ سَببًا للمُنافَرةِ والمُشاحَنةِ، مِن أنواعِ التَّعامُلِ التي كانتْ بيْن النَّاسِ في أيَّامِ الجاهليَّةِ