حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه 28
مسند احمد
حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا قرة، عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية، قال: لقيت أبا ذر بالربذة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله ابتدرته حجبة الجنة "
وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (1) ، إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم "
إنَّ مِن أشدِّ الابتلاءاتِ فِقدانَ الأقاربِ والأحبابِ، ولعلَّ أشدَّها فِقدانُ الأولادِ صِغارًا، ومِن أجْلِ ذلك عَظَّمَ اللهُ أجْرَ مَن يَموتُ له ثلاثةٌ مِنَ الولدِ كما في هذا الحديثِ؛ حيث يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ما مِن مُسلِمَيْنِ"، والمرادُ: زَوجانِ مُسلمانِ، "يَموتُ لهما ثلاثةُ أولادٍ لم يَبلُغوا الحِنْثَ"، أي: لم يَبلُغوا حدَّ التَّكليفِ الذي يَجْري فيه القَلمُ بِالسَّيِّئاتِ والحَسناتِ، "إلَّا أدخَلهما اللهُ بفضْلِ رَحمتِه إيَّاهم الجنَّةَ"، أي: يُجازيهما اللهُ الجنَّةَ لرَحمتِه بهؤلاء الصِّغارِ؛ لأنَّ الرَّحمةَ للصِّغارِ أكثرُ؛ لعدمِ حُصولِ الإثْمِ منهم، "يُقال لهم"، أي: للأولادِ، "ادْخُلوا الجنَّةَ، فيقولون: حتَّى يَدخُلَ أبوانا، فيقال: ادخُلوا الجنَّةَ أنتم وأبواكم"، أي: إنَّ امتناعَهم عن دُخولِ الجنَّةِ حتَّى يَدخُلَ أبواهم، وأنْ يُجِيبَهم فيما طلَبوا، فكانوا سَببًا في رَحمةِ اللهِ بأبويهم.
وفي الحَديثِ: عِظَمُ أجْرِ المُصيبةِ في الولدِ، وأنَّه لا جَزاءَ لها إلَّا الجنَّةُ.