حديث أبي رفاعة
مسند احمد
حدثنا بهز، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا حميد بن هلال، قال: قال أبو رفاعة: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، قال: " فأقبل إلي، فأتى بكرسي، فقعد عليه، فجعل يعلمني مما علمه الله تعالى، قال: ثم أتى خطبته فأتم آخرها
كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُراعي أحوالَ النَّاسِ وظُروفَهُم، ويُيسِّرُ عليهِم؛ فقدْ كان رَفيقًا بالمسلمين، مُشفِقًا عليهم، خافضًا جَناحَه لهم.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو رِفاعةَ العَدويُّ رَضِي اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَخطُبُ بالنَّاسِ يومًا، فجاءَ إليه أبو رِفاعةَ رَضِي اللهُ عنه، فقالَ: «يا رسولَ اللهِ، رجلٌ غريبٌ»، والغريبُ هو: البَعيدُ عن وَطنِهِ، «جاءَ يَسألُ عن دِينِه»، أي: عن أُمورِ الإسلامِ وشَرائعِه، «ولا يَدري ما دِينُه»؛ وذلكَ لأنَّه لم يُعلِّمْه أحدٌ، فأقبَلَ علَيهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وترَكَ خُطبتَه، ثمَّ مَشَى حتَّى انتَهى إلى أبي رِفاعةَ رَضِي اللهُ عنه، فجاءَه الصَّحابَةُ بكُرسيٍّ ظنَّ أبو رِفاعةَ أنَّ قَوائمَهُ مِن حَديدٍ، فقَعَدَ علَيهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ وذلكَ حتَّى يَراهُ الصَّحابةُ فيَتعلَّموا منه، وبَدَأ يُعلِّمُ أبا رِفاعةَ رَضِي اللهُ عنه مِن أُمورِ الإسلامِ الَّتي يَحتاجُها، ثمَّ بعْدَ أنِ انتَهى مِن تَعليمِه، رجَعَ إلى مَكانِه وأكمَلَ خُطبتَه إلى آخِرَها.
قيل: إنَّما ترَكَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الخُطبةَ وأقبَلَ على الرَّجلِ يُعلِّمُه؛ لتَعيُّنِه عليه في الحالِ، ولخوْفِ الفوْتِ، ولأنَّه لا يُناقِضُ ما كان فيه مِن الخُطبةِ، ومَشْيُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وقُربُه منه في تلك الحالِ مُبادرةٌ لاغتنامِ الفرصةِ، وإظهارِ الاهتمامِ بشَأنِ السَّائلِ.
وفي الحَديثِ: تَواضُعُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفيه: تَلطُّفُ السَّائلِ، وحسْنُ عَرضِ سُؤالِه.