حديث أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم 5
مسند احمد
حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا أبو بكر بن حفص، عن الأغر، عن رجل آخر، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توضئوا مما غيرت النار» ، قال: وقال أبو بكر يعني ابن حفص قال: حدثنا الزهري، عن ابن أبي طلحة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله، فقال: وحدثنا شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح [ص:271]، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بمثله
جاءَت أحكامُ الإسلامِ للأُمَّةِ بما يَتَناسَبُ معها، فتَدرَّجَ الشَّرعُ مع النَّاسِ في بَعضِ الأحكامِ، وكانت هذه مِنَ الحِكَمِ مِنَ النَّسخِ، والنَّسخُ: إزالةُ ما استقرَّ مِنَ الحُكمِ الشَّرعيِّ بخِطابٍ آخَرَ منَ اللهِ أو رَسولِه لَولاه لَكانَ الحُكمُ السَّابِقُ ثابتًا
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه تَوضَّأ َذاتَ مَرَّةٍ بعدَ أن أكَلَ أثوارَ أقِطٍ؛ لأنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: «تَوضَّؤُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ»، والأثوَارُ: جمعُ ثَورٍ، وهو القِطعةُ مِنَ الأقِطِ، والأقِطُ: يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ المَخيضِ يُطبَخُ، ثُمَّ يُترَكُ، والمَخيضُ هو اللَّبَنُ المُستَخرَجُ زُبدُه بِوَضعِ الماءِ فيه وتَحريكِه، فالأقِطُ هو اللَّبَنُ المُتحجِّرُ المُجفَّفُ، وهو ممَّا مسَّته النَّارُ فأُنضِجَ بها
والأمرُ بالوُضوءِ ممَّا مَسَّتِ النَّارُ مَنسوخٌ؛ لِما أخرَجَه أبو داودَ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما: «كانَ آخِرُ الأمرَين من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَرْكَ الوُضوءِ مِمَّا مَسَّتِ النارُ»، وفي الصَّحيحَينِ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه «أكَلَ عَرْقًا، أوْ لَحْمًا، ثُمَّ صَلَّى ولَمْ يَتَوَضَّأْ، ولَمْ يَمَسَّ مَاءً»
وفي الحديثِ: أنَّه يَنبغي للعالِمِ أن يُبيِّنَ سَبَبَ فِعلِه للنَّاسِ، إذا كانَ مَظِنَّةَ إنكارِ النَّاسِ له